يعد القانون الاجتماعي قانونا حديث النشأة ، وقد أ سهمت مجموعة من العوامل في التطور العام للقانون الاجتماعي عبر مراحل متنوعة ومختلف ساهمت فيها عوامل اقتصادية وسياسية والتي انبثق منها هذا القانون عبر مراحل تاريخية متنوعة، التي سنتطرق لها في موضوعنا هذا على المستوى الدولي ، في حين سوف نعرض تطور القانون الاجتماعي في بلادنا في مقالا خاص أخر .
أ-مرحلة تطور القانون الاجتماعي في العصور القديمة .
شهدت علاقات الشغل في العهود القديمة انتشارا لظاهرة الرقيق . فقد كان العبيد في المجتمع اليوناني يخضعون بكيفية مطلقة لأسيادهم ولم تكن لهم بالتالي أي حقوق بالمفهوم القانوني أو أية شخصية قانونية تسمح لهم بابرام عقد الشغل و المطالبة بالأجر الى غير ذلك من الحقوق الأخرى ، لكون العلاقات التي تجمعهم بأسيادهم كانت بمثابة تبعية دائمة يخضع بمقتضاها العبد لسيده خضوعا مطلقا وتخول لهذا الأخير أن يتصرف في عبده كما يتصرف في أشيائه .
كما عرف المجتمع الرماني بدوره ظاهرة وبالتلي لم يكن يعترف للرقيق بأي حقوق في القانون الروماني ، لكن ما يميز هذا الاخير عن سابقه بأنه تضمن بعض القواعد القانونية الخاصة بكراء أو تأخير الشغل من طرف الأشخاص الأحرار .
وهذا فإنه يصعب الحديث خلال هذه الفترة عن وجود القانون الاجتماعي الذي ينظم علاقات الشغل وينظم الحماية الاجتماعية للأجراء .
ب مرحلة تطور القانون الاجتماعي في العصور الوسطى .
عرفت علاقات الشغل خلال مرحلة العصور الوسطى تغيرا ملحوظا تجسد في الإعتماد على نظام الاقتطاع في المجال الفلاحي وعلى نظام الطوائف الحرفية في المجال الصناعي .
ففي ظل نظام الاقتطاع كان الاشخاص الذين يشتغلون في القطاع الفلاحي مرتبطين بتبعية دائمة مع صاحب الأرض ، بحيث لم يكن من حقهم البحث عن العمل عند مالك أرض زراعية أخرى ، بعبارة أخرى فقد كان هؤلاء الأشخاص مرتبطين بالأرض وبمالكها .
أما فيما يتعلق بنظام الطوائف الحرفية ، فقد كان هناك نوع من التنظيم التسلسلي لهذه الطوائف ، بحيث كان يوجد على رأس الطائفة المعلم le maitre ، ثم يليه في المرتبة الثانية الرفيق وفي المرتبة الثالثة و الاخيرة نجد المتمرن أي الصبي ، والى ذلك ثم وضع قواعد أخرى تتعلق بتحديد وتحديد الشغل والعطل .
بيد أن هذا النظام ، وبعد أن كان يسمح في بداية ظهوره لجميع الاشخاص بالانتقال من درجة رفيق الى درجة معلم بعد اثبات جدارتيه وكفايته المهنية ، أصبح مع مرور الزمن هذا الأمر يزداد صعوبة بسبب وضع شروط تعجيزيه الهدف منها منع الوصول الى درجة معلم وهو ما أفضى في النهاية الى جعل هذه المرتبة العليا محتكرة فقط من طرف أبناء المعلمين عن طريق التوارث ، من ثم فإن درجة رفيق التي كانت تعتبر في أول الأمر مجرد مرحلة داخل النظيم الطائفي تحولت في النهاية الأمر الى وضعية نهائية في الوقوع أن لم يكن في نظر القانون .
مرحلة تطور القانون الاجتماعي في العصر الحديث .
اتسمت مرحلة العهد الحديث بوجود مرحلتين اثنين الأولى سادت خلال النصف الاول من القرن 19 وطبعها على مستوى الفكر القانوني سيادة مبادئ المذهب الفردي أو المذهب الحر والذي يقوم على أساس تقديس الحرية الفردية و اعتبارها حقا أساسيا و طبيعيا من حقوق الفرد لايجوز للدولة أن تسميه بأية حال من حال بل من و اجبها أن تبدل أقصى جهدها للحفاظ عليه.
وقد أدى ذلك إلى اعتبار علاقات الشغل خاضعة لإرادة الأطراف وحدهم ، وبالتالي هيمن مبدأ سلطان الارادة على هذه العلاقات ، ولم يكن بوسع الدولة أن تتدخل في نطاق عقود الشغل ، وهو ما جعل الأجراء يرضخون للشروط التي كان يضعها المؤاجرين بالرغم من قساوتها، وقد نجم عن هذا الأمر تدهور الأوضاع المعيشية لطبقة الأجراء في |أروبا خلال هذه الفترة ، و انتشار الأمراض المهنية ، و الوفيات في صفوف هذه الطبقة ، وكذا تشغيل الأطفال و النساء خلال ساعات طويلة مقابل أجور هزيلة . ولم تكن هذه الوضعية لتمر دون ان تخلف انتقادات كبيرة من طرف المفكرين حيث مهدت لبروز المذهب الاشتراكي أو المذهب التدخلي ، والذي أسس نظريته على وجوب تدخل الدولة في شؤون الأفراد لحماية الضعفاء و تسلط الاقوياء وسيطرتهم ومن ثم فإن القانون ينبغي ان يضطلع بدور إيجابي يتمثل في تنظيم علاقات الافراد وشؤونهم على أساس عادل .