المطلب : الإطار المفاهيمي للموضوع.
الفقرة الأولى : مفهوم نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وإطارها القانوني.
يعتبر نظام نزع الملكية لأجل المنفعة العامة نظام تلجأ إليه الإدارة في حالة تعذر عليها الحصول على العقارات و المنقولات بطريقة ودية وهو نظام يمس حق الملكية المقدس. ولمعرفة هذا النظام القانوني سنقوم بدراسته من خلال الفقرة الأولى (تعريف نزع الملكية من أجل المنفعة العامة). والفقرة الثانية (الإطار القانوني لنزع الملكية).
الأولى: تعريف نزع الملكية.
لم يعرف المشرع المغربي نزع الملكية لأجل المنفعة العامة مكتفيا بالنص من خلال الفصل الأول من القانون رقم 7,81 على ما يلي: “إن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا أو ملكية الحقوق العينية العقارية لا يجوز الحكم به إلا إذا أعلنت المنفعة، ولا يمكن إجراؤه إلا طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون مع مراعاة الاستثناءات المدخلة عليه كلا أو بعضا بموجب تشريعات خاصة”[1].
ورغم ذلك،تظهر أهمية هذا النص في أنه يحدد موضوع نزع الملكية لأجل المنفعة العامة( الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية ) وسببه (إعلان المنفعة العامة) واتصال أحكامه بالنظام العام (لا يمكن إجراؤه إلا طبق الكيفيات المقررة في هذا القانون).
وقد عرفة بعض الفقه كما يلي: “إجراء إداري يقصد به نزع مال قهرا عن مالكه بواسطة الإدارة لتخصيصه للنفع العام مقابل تعويض عادل”[2]
ويؤخذ على هذا التعريف أنه أقام نزع الملكية على القهر وحده والحال أنه يمكن أن يتم عن طريق المراضاة، وأنه اعتبر نزع الملكية إجراء إداريا الحال أنه في التشريع المغربي ذو طابع قضائي كذلك.
وعرفه فقه أخر بأنه: “عملية يتم بمقتضاها نقل ملكية عقار مملوك لأحد الأفراد إلى شخص عام، بقصد المنفعة العامة ونظير تعويض عادل”[3]
والظاهر أن هذا التعريف، وإن جاء أكثر ضبطا من سابقه، لم يحدد إجراءات نزع الملكية بشكل دقيق.
وقد عرفه أحد الفقهاء الفرنسيين كما يلي: “يمكن تعريف نزع بأنه امتياز من امتيازات السلطة العامة يسمح لها، بغية تحقيق منفعة عامة وبعد إتباع مجموعة من الإجراءات الشكلية والموضوعية الآمرة، نزع ملكية عقارية أو حق عيني عقاري يعود لشخص خاص أو عام”[4]
و يظهر نظام نزع الملكية من أجل المنفعة العامة من حيث طبيعته القانونية في الوهلة الأولى كنوع من الشراء الجبري المنصب على أموال عقارية مملوكة كقاعدة لواحد أو لمجموعة من الأفراد، وهذا الشراء تمارسه السلطة العامة أو من يقوم مقامها على الرغم من إرادة صاحب الملك أو إرادة أصحابه قصد استغلاله فيما بعد في أغراض متنوعة من المفروض أن تتصل أساسا بالمنفعة العامة.
ومن ناحية أخرى، فإن نظام نزع الملكية من حيث الشكل الذي يعلن به، يظهر كقرار إداري صادر عن سلطة إدارية ومرتبا لآثار قانونية جد متنوعة، تنتهي بنقل ملكية أموال عقارية إلى السلطة العامة أو من يقوم مقامها، عندما تتحقق بشروط تشريعية هي من صميم النظام العام.
وفي اعتقادنا، فإن نظام نزع الملكية أقرب في حقيقته إلى القرار الإداري منه إلى الشراء الجبري، فمن جهة أولى، فإن هذا النظام تستبعد من مجال تطبيقه أحكام عقد البيع المضمنة في قانون الالتزامات والعقود،ومن جهة ثانية فهو يصدر في صورة قرار انفرادي عن سلطة إدارية مختصة قانونا بذلك،إضافة إلى كونه يقبل الطعن الإداري أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى على ما سوف نرى فيما سيأتي.
ثانيا: الإطار القانوني لنزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة.
إذا كان ظهير31 غشت 1914 أول إطار تشريعي متكامل ينظم عملية نزع الملكية بالمغرب، فإن هذا لا يعني أنه لم تكن هناك بعض النصوص القانونية السابقة له، فخلال مرحلة ما بين توقيع اتفاقية الجزيرة الخضراء سنة 1906 إلى سنة 1914 تاريخ صدور هذا القانون، قامت سلطات الحماية بتأطير عملية نزع الملكية عن طريق نصوص عديدة. كانت اتفاقية الجزيرة الخضراء لسنة 1906 أول نص قانوني سيؤكد عملية نزع الملكية بالمفهوم الحديث، حيث ثم تنظيم هذه العلمية في إطار مقتضيات تحدد مجموعة من الإجراءات و التدابير للقيام بالعملية. ولتطبيق مسطرة نزع الملكية_ حسب اتفاقية الجزيرة الخضراء_ يشترط إثبات ضرورة المنفعة العامة و أداء تعويض عادل (الفصل 113)،ولا يمكن إجراء العملية إلا من أجل المنفعة العامة (الفصل114).
كما تم التمييز بين كون ذوي الحقوق مواطنين مغاربة حيث يتخذ جلالة الملك الإجراءات اللازمة لتفادي أي تعرض من طرفهم، أو غيرهم (الفصل 115) حيث نصت على مسطرة خاصة لتحديد التعويض أمام المحاكم القنصلية.
وبعدها صدر القانون الديبلوماسي الصادر بتاريخ 10 يونيو 1908، وقد تضمنت مقتضيات هذا القانون الذي جاء كتجديد للمقتضيات الواردة في اتفاقية الجزيرة الخضراء، مبادئ أساسية تتعلق بالمسطرة المتبعة، وهي مقتبسة من القانون الفرنسي لسنة 1908. وبموجب الفصل الأول من القانون الديبلوماسي لسنة 1908، يمكن أن تعلن المنفعة العامة في شأن جميع الأشغال الكبرى،مثل الطرق و السكك الحديدية و الموانئ، حيث كانت هذه الأشغال ضرورية في تلك المرحلة.
وتقوم الحكومة باتفاق مع السلك الدبلوماسي بطنجة بتحديد برنامج الأشغال و درجة الأسبقية. ويتم إعلان المنفعة العامة بمرسوم يبلغ إلى إلى صاحب الحق إذا كان أجنبيا أو مغربيا محميا دون يجدد أي أجل في هذا الشأن.
أما نقل الملكية فكان يتم لفائدة المخزن طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية من طرف القاضي في جميع الأحوال، ويتم ذلك إما عن طريق الإتفاق بالتراضي(الفصل6) أو يتم تحديد التعويض بعد إجراء خبرة (الفصل 11) وفي حالة رفض التعويض تتدخل المحاكم القنصلية.
وبعدها صدرت دورية الصدر الأعظم في فاتح نونبر 1912، تهدف إلى تسهيل إنجاز سريع للأشغال العمومية، ويتعلق الأمر بأن المخزن اشترط للمصادقة على عقود الشراء أن يلتزم أي مشتري لعقار في تصريح موثق بأن يفوت للدولة المغربية الأجزاء الضرورية لتنفيذ الأشغال العمومية، ويتم التفويت مقابل تعويض يتفق عليه وإلا تم اللجوء إلى مسطرة التحكيم ، يتولى مباشرتها حكمان أحدهما يمثل الإدارة والآخر يمثل المالك، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تم تعيين خبير للتوفيق بينهما، وبهذه المقتضيات تكون الدورية قد رضت بطريقة غير مباشرة نزع الملكية.
وبعد ذلك صدر ظهير 26 مارس 1914 في شأن الإعلان من المنفعة العامة إنشاء خط السكك الحديدية بين طنجة وفاس، ولم يستند هذا الظهير لا على اتفاقية الجزيرة الخضراء ولا على القانون الدبلوماسي لسنة 1908.
ونص على أنه انطلاقا من يوم نشره،يمنع الترخيص لتفويت العقارات التي تقع في المنطقة التي حددها،كذا القيام بأي بناء أو غرس أو تحسين، إلا بإذن من مديرية الأشغال العمومية، ويلتزم الملاك بتفويت عقاراتهم حسب قيمتها يوم نشر الظهير.
لقد تم تغيير ظهير 31 غشت 1914 المتعلق بنوع الملكية من أجل المنفعة العامة و الاحتلال المؤقت بموجب ظهيري 3 أبريل 1951 وظهير 6ماي 1982.
ظهير 31 غشت 1914 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت.
يمثل ظهير 31 غشت 1914 أول نص عام يقوم بتنظيم مسألة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة و الاحتلال المؤقت بمنطقة الحماية الفرنسية بالمغرب.
وقد ورد في ديباجة ظهير 31 غشت 1914 بأن:” من أساس الشريعة الإسلامية تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في جميع الأحوال…”.
ونشير إلى الجزء الخاص من الظهير و المتعلق بنزع الملكية يشتمل على 28 فصلا. وقد قسم هذا الجزء إلى خمسة أبواب، خصص الأول منها لحالات نزع الملكية ولإعلان المنفعة العامة، وخصص الثاني للإجراءات الإدارية التي تسبق نزع الملكية وللتملك عن طريق المراضاة، وخصص الثالث للحكم القضائي الصادر بشأن نزع الملكية ولتحديد التعويضات الواجب دفعها للمنزوعة ملكيتهم، وخصص الرابع لأداء التعويضات ونقل حيازة العقار إلى نازع الملكية، أما الباب الخامس فيتعلق بالإجراءات الاستثنائية التي يجب أن يلجأ إليها نازع الملكية في حالة الاستعجال القصوى.
لقد أخد بمبدأ نزع ملكية المناطق –كأغلب القوانين المقارنة- للسماح للإدارة لا لنزع ملكيتهم العقارات التي ستدمج بالفعل في المشروع المعلن للمنفعة العامة فقط، بل أيضا العقارات التي يكون اقتناؤها ضروريا لتحقيق بصورة أحسن هدف المنفعة العامة المنشودة، وكذا العقارات التي تستفيد من زائد قيمة ملحوظ نتيجة إنجاز الأشغال.
كما تم استناد مهمة النطق بأحكام نزع الملكية إلى المحاكم، كما أنها تتولى تحديد التعويضات حسب قيمة العقار يوم إعلان المنفعة العامة، وتشكل هذه القيمة حدا أقصى ولو ارتفعت قيمة ذلك العقار بعد الإعلان، كما أن المحاكم تحدد زائد أو ناقص القيمة الذي يكتسبه الجزء من العقار غير المنزوع جراء تنفيذ الأشغال.
وكانت مسطرة الاتفاق بالمراضاة كانت إجبارية في ظل القانون، أو كقناة لابد من المرور منها، وفي حالة الفشل يتم اللجوء آنذاك إلى تطبيق مسطرة نزع الملكية.
وهكذا وبعد صدور 37سنة على إصدار هذا الظهير، تدخل المشرع المغربي بتاريخ 3 ابريل 1951.
-ظهير 3 أبريل 1951 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة:
لقد حاول هذا القانون استدراك النقص الذي تميز به القانون السابق سيما فيما يتعلق بالامتيازات المخولة لنازع الملكية على حساب الخواص المنزوعة ملكيتهم.
ومن أبرز النقط التي عرف فيها ظهير 31 غشت 1914 تغييرا جدري إبان إصدار ظهير 3 أبريل 1951 هي:
-إصدار مقرر التخلي:
ففي ظهير 31 غشت 1914، تظل العقارات التي كانت موضوعا لقرار يقضي تخصيصها لمنفعة العامة، محل ارتفاقات عديدة لمدة سنتين قابلتين للتجديد في كل مرة للتجديد في كل مرة، وهكذا فإن العقارات تبقى مهددة بالاستملاك لسنوات طويلة دون أن يكون هناك ما يلزم السلطة النازعة للملكية بممارسة هذا الإجراء من الناحية القانونية.
أما بالنسبة لظهير 3 أبريل 1951، فإن الفترة السالفة قد حددت قي سنتين غي قابلة لأي تجديد، يدب على السلطة النازعة للملكية أن تستصدر قرار التخلي، و أن تطلب من القضاء الحكم بنزع الملكية خلال هذه الفترة، وإلا سقط قرار المنفعة العامة بقوة القانون.
-تحديد التعويضات:
في ظل 31 غشت 1914 كان القاضي قبل الحكم بالتعويض المقابل لنزع الملكية، ملزما بأن يحدد القيمة التي كانت للعقار قبل إعلان المنفعة العامة، ثم قيمته قبل النطق بالحكم القاضي بنزع الملكية ثم يحكم بأصغر القيمتين[5]
أما بالنسبة لظهير 3 أبريل 1951، فإن القيمة التي أصبحت تأخذ بعين الاعتبار من أجل تحديد مقدار التعويض، هي تلك التي كانت للعقار وقت نشر مقرر التخلي دون عند الوقوف عند أي تاريخ آخر، في الحالة التي يقوم فيها نازع الملكية خلال ثلاثة أشهر تبتدئ من تاريخ نشر المقرر المذكور، بمحاولة تملك العقار عن طريق المراضاة. ويجب أن يوم نازع الملكية بتقديم طلب إلى القضاء من أجل الحكم بنقل الحيازة إليه، خلال ثلاثة أشهر التالية، تبتدئ من تاريخ المحاولة الأولى، وإذا لم يلتزم نازع الملكية بالقواعد المسطرية السالفة الذكر، فإن تقدير التعويض يتم انطلاقا من القيمة التي كانت للعقار وقت تقديم الطلب القضائي الخاص بنزع الملكية إلى كتابة ضبط المحكمة المختصة[6]
وبالإضافة إلى التغييرات السابقة، فقد جاء ظهير 3أبريل 1951 بأحكام جديدة، لم تكن معروفة بالمرة في ظل مقتضيات ظهير 31 غشت 1914 السابق، وهكذا مثلا فعندما يفشل نازع الملكية في تملك العقار عن الطريق الودي، أصبح باستطاعته أن يقدم طلبا استعجاليا إلى القضاء المختص في هذا الصدد، يرمي إلى الحكم بنقل حيازة العقار إليه مقابل تعويض مؤقت، يساوي على الأقل العروض العينية التي سبق له أن قدمها أثناء محاولة الاقتناء عن طريق المراضاة.
وتجدر الإشارة إلى أنه صدرت مجموعة من القوانين تشكل استثناء لمقتضيات ظهير 3أبريل 1951 وهي:
-مرسوم ملكي رقم66-092-1 بمثابة قانون المؤرخ في 26 يونيو 1967 الصادر بالإعلان أن في تهيئة خليج طنجة واستثمارها منفعة عمومية، وبوضع مسطرة خاصة لنزع ملكية الأراضي اللازمة لهذا الغرض[7]
ظهير شريف رقم 10-70-1ىالمؤرخ في 7 أكتوبر 1970 الصادر في شأن إحداث مسطرة خاصة قصد الإسراع بالاستثمار السياحي لمنطقة القصر الصغير[8]
-ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1-70-393 المؤرخ في 21 يونيو 1976 الصادر في شأن تهيئة خليج أكادير واستثماره السياحي.[9]
-قانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة:
بدأ منذ أواسط الستينات من القرن الماضي التفكير في بلورة قانون جديد،قدم بعد عدة سنوات من الدراسة والتشاور –في صيغة مشروع قانون- من طرف الحكومة إلى مجلس النواب، الذي صادق عليه في دورة أكتوبر لسنة 1980 تحت رقم 81_7 وصدر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 254-81-7 بتاريخ 11 رجب 1402 ه الموافق ل 6 ماي 1982، كما أنه صدر تطبيقا له المرسوم رقم 383-83-7 بتاريخ 2 رجب 1403.
فما هي الدوافع التي أدت إلى إصدار هذا القانون الجديد؟ وبمعنى آخر ماهو الجديد الذي جاء في قانون 81-7.
لقد كان النصان السابقان لهذا القانون، ينصان على وجوب إتباع مسطرة الاتفاق بالمراضاة للقيام بنقل الملكية بكيفية ودية، وتتم هذه المسطرة الإلزامية باستدعاء جميع المعنيين بالأمر، ويتم تحرير محضر رسمي بشأن كل اتفاق شامل جزئي يتم بين الأطراف المعنيين بالأمر. لهذا جعل القانون الجديد هذه المسطرة اختيارية يمكن لنازع الملكية أن يسلكها أو يستغني عنها حسب ما تمليه ظروف وملابسات كل حالة على حدة.
لقد كانت مسطرة نزع الملكية الشخصية فأصبحت في القانون الجديد عينية، أي تتعلق بالعقارات والحقوق العينية العقارية لا بذوي الحقوق الذي كان- في ظل القوانين السابقة- من الواجب تبليغ مشروع المقرر المبنية فيه الأملاك إليهم، فهذه الحالة لا تتم إلا فيما يتعلق بعمليات أو أشغال تهم الدفاع الوطني بصفة اختيارية.
الفقرة الثانية: المنفعة العامة تعريفها، وعناصرها.
يعد مفهوم المنفعة العامة وخصوصا في إطار نزع الملكية ، مفهوما يكثنفه الكثير من الغموض ، أن معظم قوانين لم تتعرض لتعريفه و تحديده ، بل تركت الأمر إلى التطورات التي تعرفها المجتمعات و إلى طبيعة الأدوار التي تقوم الإدارة في إطار ممارستها لأنشطتها العامة و الاجتهادات القضائية في هذا الشأن.[10]
أولا : تعريف المنفعة العامة.
ولم يحدد المشرع المغربي مفهوم المنفعة العامة ، بل ترك للفقه و لاجتهاد القضائي و يرى البعض أن سبب ذلك يرجع إلى تفادي وضع تعريف جامد قد يصبح متجاوز بعد فترة وجيزة و يضطر إلى التدخل من اجل تصحيح المفهوم .
إلا انه و ما ينبغي الإشارة إليه انه يجب إن تكون الهدف من مسطرة نزع الملكية في جميع الحالات هو القيام بأشغال وأعمال تكتسي صبغة المنفعة العامة من اجل انجاز مشروع يعود بالنفع العام على عموم المواطنين . وهذا شرط أساسي في نزع ملكية عقار معين من اجل المصلحة فانه يجب توفر شرط المنفعة العامة.
و للتميز بين المنفعة العامة و المنفعة الخاصة يجب تحديد معايير المنفعة العامة و عناصره التي حددها بعض الفقه و القضاء فيما يلي:
1 : معايير تحديد فكرة المنفعة العامة
المنفعة العامة هي مجموعة المنافع الخاصة : إن المنفعة العامة هي مجموعة مصالح الافراد المكونة للمجتمع ، وتعتبر نتاج تلاقي جميع المنافع الخاصة بمعنى أخر احترام مصالح الأغلبية و تغليبها على المصالح الأقلية ..[11]
-2 : سمو المنفعة العامة
المنفعة العامة هي منفعة المجتمع ككل مستقلة و منفصلة على احد تكويناتها فهي على النقيض من الرأي السابق تماما ، ولقد ثبتت المحكمة المصرية رأيها بان الجمع لايمكن أن يرد إلا على الأشياء المماثلة التي لها نفس الصيغة بينما المنافع الخاصة متعارضة فلا يمكن إضافتها للقول بأن المنفعة العامة هي ناتج الجمع ، فالمجتمع يشكل وحدة مستقلة على الأفراد المكونين له ، و بالتالي فان مصالحا مشتركة فيما بين أفراده و غاية واحدة تجمعهم و هي المنفعة العامة .
-3 : معيار نوع النشاط.
يرى القائلون بالتمييز بين النشاط الإداري أن حاجات المجتمع الأساسية رغم أنها تمس مصالح مجموعة الأفراد إلا أن النشاط الفردي لا يتحمس لتحقيقها فتقوم الإدارة بتلبية هذه الحاجات ، ووفقا لهذا الرأي فان المنفعة العامة و المنفعة الخاصة تتفقان من حيث المضمون و المحتوى ، وهو تحقيق إشباع حاجات المجتمع المختلفة ، إلا أن النشاط الفردي لا يتحمس لتحقيقها فتقوم الإدارة لأنها وحدها القادرة على توفير الإمكانات ألازمة لذلك بمعنى أن قيام الدولة بنشاط أو عدم قيامها به وتركه للأفراد هو الفاصل في اعتباره محققا عامة أم لا .
4 : المنفعة العامة هي الأرجح .
يستند هذا الرأي إلى الحقيقة القائلة بأن المنفعة العامة هي المنفعة التي تتغلب لأهميتها سواء من حيث المستفيدين منها، أو لضرورتها الملحة أو الحاجة إليها ضرر رشيد.
ثانيا : عناصر المنفعة العامة .
1 : حماية المجتمع وحفظ كيانه:
لاشك أن حماية المجتمع أو جزء منه و حفظ كيانه أهم عناصر المنفعة العامة سواء أكانت هذه الحماية ضد خطر خارجيا مثل في المخططات الإرهابية عدوان…… أو ضد خطر داخلي أكان طبيعي كالزلازل و الفيضانات، أو بفعل الإنسان كالغش و الفساد……
وعلى هذا فان كل عمل من شأنه حماية المجتمع ضد هذه الأخطار ودفعها المجتمع يتطلب القيام بنزع الملكية الفردية فقد تحقق بلا شك المنفعة العامة. فلو نزعت الإدارة أو شرعت في نزعت ملكية فردية لتتمكن من إيقاف خطر الفيضان أ, الزلزال أو نزعت ملكية لفرض عسكري فلا شك أن نزع الملكية هذا يحقق المنفعة
2 :استهداف تقدم المجتمع و رقية .
مما لاشك فيه أن رفاهية المجتمع و رقيه يعد من قبيل المنافع العامة ، و أي عمل تقوم به الإدارة يؤدي إلى هذا التقدم ، إنما يحقق المنفعة العامة بلا جدال و يأخذه مفهوم التقدم هنا بأوسع معانيه إذ يصح أن يكون هذا التقدم اقتصاديا أو اجتماعيا أن تفاديا ، في مجال من مجالات الحياة و عليه إذا اتخذت الإدارة من نزع الملكية وسيلة لتحقيق هذا التقدم فان عملها يحقق تانفع العام [12].
3 : ضمان أداء المرافق العامة لوظائفها :
إن إنشاء المرافق العامة وضمان أدائها لوظائفها واتخاذ ما يلزم لتسيير هذا الأداء يحقق معه المنفعة العامة بكل تأكيد ، فإذا نزعت الإدارة الملكية العامة من أجل إنشاء مرافق عامة أو من اجل تسيير و ضمان واستمرار نشاط المرفق العام موجود بالفعل فإنها تكون قدرا من تحقيق المنفعة العامة
[1]– محمد الكبشور “نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ” قراءة في النصوص وفي مواقف القضاء ، ص34
[2]-فؤاد العطار،” القانون الإداري”، الكتاب الثالث، دار النهضة بالقاهرة، ص 599.
[3]-محمد عبد اللطيف “نزع الملكية للمنفعة العامة”دار النهضة العربية بالقاهرة،ص 5
[4]– “on peut définir l’expropriation comme la prérogative de l’Etat lui permettant, à l’initiative d’une personne publique ou privée, dans un but d’utilité publique et moyennant le respect d’un certain nombre de garanties de procédure et de fond, de contraindre une personne publique ou privée à céder la propriété d’un immeuble ou d’un droit réel immobilier à une personne publique ou privée
[5]-الفصل 3 من ظهير 31غشت 1914.
[6]– الفصل 15 من ظهير 3أبريل 1951.
[7]-جريدة رسمية،عدد 2854، بتاريخ 12 يوليوز 1967،ص. 1551وما بعدها.
[8]-جريدة سمية، عدد 3066، بتاريخ 4 غشت 1971، ص 1788 وما بعدها
[9]-جريدة رسمية، عدد 3321، بتاريخ 23 يونيو، ص 2144 وما بعدها
[10]-محمد كشبور ، نزع الملكية من أجل المنفعة العامة وفقا الأحكام القانون الجديد مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية .
[11]– عبدالغني ادو مجوظ رقابة القضاء الإداري على إعلان المنفعة العامة في إطار نزع الملكية رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام تخصص العلوم السياسية جامعة محمد الخامس أكدال 2016/2015 ص 20.
[12]– عبدالغني ادو مجوظ ، م س ص 22.