المزيد

             المساطر الإدارية لنزع الملكية الخاصة  من اجل المنفعة العامة            

بواسطة admin سبتمبر 19, 2023 لا يوجد تعليقات 9 د قراءة

     و إذا قلنا بأن نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة قد نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فليس معنى هذا أن القانون الوضعي هو الذي كان السباق إلي تشريعه، والاهتداء عليه بل إن نزع قد عرفه النظام الإسلامي قبل ذلك بكثير، أي منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم بحيث تحكي الكتب الإسلامية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما بنى أول مسجد في الإسلام بالمدينة المنورة استملك الأرض التي شيد عليها البناء فعن الزهري عن عروة أن أرض المسجد كانت ليتيمين وهما سهل وسهيل فساومهما فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اليتيمان بل نهبها فأبى عليه الصلاة والسلام، كما قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتوسيع المساجد وذلك عن طريق مساومة أصحاب الدور المحيطة بالمساجد فمن قبل اشترى منهم دورهم ومن أبى أخذها منهم جبرا ووضع قيمتها بخزانة الكعبة التي ظلت بها إلى أن أخذها أصحابها

المطلب الأول: دوافع نزع الملكية  الخاصة من اجل المنفعة العامة ، ومساطرها الإدارية .

الفقرة الأولى : دوافع نزع الملكية نزع الملكية الخاصة من اجل .

تطرق المشرع المغربي من خلال القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، وكذا المرسوم التطبيقي له (8) إلى شروط نزع الملكية من أجل المنفعة العامة.

نزع الملكية منوط بتحقيق المصلحة العامة.

إن مسطرة نزع الملكية يجب أن تهدف في جميع الحالات إلى القيام بأشغال وأعمال تكتسي صبغة المنفعة العامة.

وقد تفادت التشريعات تحديد مفهوم المنفعة العامة معتبرة ذلك من اختصاص الفقه والقضاء، على أن الإدارة في مختلف الأنشطة التي تمارسها في الحقيقة، من المفروض أن تسعى إلى تحقيق هدفين أساسيين: هما المحافظة على النظام وتحقيق المصلحة العامة.

وإذا كان مما لا جدال فيه أن قصد المشرع من إيجاد مسطرة نزع الملكية هو تسهيل إنجاز المشاريع التي تتسم بطابع المنفعة العامة، فإن هذا المفهوم قد عرف تطورا مستمرا نتيجة تزايد تدخل الدولة لإنشاء مرافق متعددة لم يكن لها شأن بها من قبل، ولا شك أن واضعي ظهير 31 غشت 1914 حول نزع الملكية لأجل المنفعة العامة قد تأثروا إلى حد بعيد بالخطوط العريضة للاجتهاد القضائي الفرنسي في نهاية القرن التاسع عشر بخصوص مفهوم المنفعة العامة، ولذلك تفادى المشرع تعريف هذا المفهوم واقتصر على الإشارة إلى بعض العمليات أو الأشغال التي تكتسي صبغة المنفعة العامة (.

 الفقرة الثانية :المساطر الإدارية  لنزع الملكية الخاصة .

تتكون المساطر  الإدارية من مجموعة من العمليات والإجراءات التحضيرية والتمهيدية التي يتعين على نازع الملكية التقيد بكل عناية لا أن مشروعية وسلامة  المسطرة تتوقف عليها، وتتم هذه المرحلة من خلال إجرائيين أولهما إعلان مقرر المنفعة العامة أولا  أو إصدار مقرر التخلي ثانية.

أولا:  مقرر إعلان المنفعة العامة

    يعد مقرر إعلان المنفعة العامة أول إجراء وجب المشرع القيام به إذ نص في الفصل 6 من القانون 7.81 المنظم لنزع الملكية الخاصة في فقرته الأولى على أن المنفعة العامة تعلن بقرار إداري يعين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها، كما ينص الفصل الأول[1] من المرسوم التطبيقي على أن المقرر ينص يصدر في شكل مرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المعني بالأمر، وانطلاقا من هذين الفصلين يتضح على أن مقرر المنفعة العامة يتم من خلال مرحلتين وجب التمييز بينهما، وهما طلب المنفعة العامة، و اقتراح المنفعة العامة، وبناء على ذلك فإن الجهة التي يحق لها طلب المنفعة العامة وكذا اقتراحها يختلق حسب الحالات:

  1:طلب إعلان المنفعة العامة واقتراحها:

   أ: طلب إعلان المنفعة العامة:

    إن الجهة التي يحق لها طلب إعلان المنفعة العامة تختلف حسب الحالات:

   إذا كان نزع الملكية لصالح الملك العمومي للدولة، فإن الوزارة التي يدخل في اختصاصها المشروع هي التي تتولى طلب إعلان المنفعة العامة كما ولو تم ذلك كم أجل تشييد بناء أو طريق أو سد، فإن وزارة التجهيز والنقل هي التي تطلب إعلان المنفعة العامة، وقد تكون وزارة الطاقة والمعادن أو الوزارة المكلفة بإعداد التراب الوطني متى تعلق الأمر بنشاط يدخل ضمن اختصاصهما على أساس أن هاتين الوزارتين تتوزعان مبدئيا مع الوزارة الأولى الوصاية على الأملاك العامة[2].

   إذا كان نزع الملكية لصالح الملك الخاص للدولة كبناء مدرسة أو مستشفى أو مساكن اقتصادية، فإن الوزارة التي ترغب في الحصول على عقار معين من أجل ذلك، تقوم بتوجيه طلب في الموضوع إلى مديرية الميزانية بوزارة المالية و الاقتصاد، فإذا وافقت على العملية راسلت مديرية الأملاك المخزنية قصد الشروع في العملية، أما حينما يتعلق الأمر بالملك الغابوي، فإن وزارة الفلاحة هي المختصة في اتخاذ هذه المبادرة بصفتها المختصة قانونا.

    حينما يتعلق الأمر بجماعة، فإن المجلس الجماعي هو الذي يبادر بتقديم طلب إعلان المنفعة العامة.

    أما بالنسبة لباقي الأشخاص المعنويين، فإن الجهاز المسير هو الذي يتقدم بطلب إعلان المنفعة العامة للتمكن من متابعة مسطرة نزع الملكية.

   أما إذا تعلق الأمر بشخص طبيعي ذاتي، فهو أيضا يتولى بنفسه تقديم طلب في الموضوع أو بمبادرة من السلطة المتعاقدة معها أو الملتزم بها.

     وهكذا فالطلب الذي تتقدم به الجهات المشار إليها سابقا، يوجه إلى السلطة المختصة باقتراح إعلان المنفعة العامة2[3].

ب: اقتراح إعلان  المنفعة العامة:

       ينص الفصل الأول من المرسوم التطبيقي لقانون 7.81، على أن إعلان المنفعة العامة، يتم بموجب مرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المعني بالأمر، ويعتبر هذا خطوة إيجابية انتصر فيها قانون 7.81 مقارنة مع ظهير 1951 المتعلق بنزع الملكية سابقا، والذي لم يبين الجهة إلي تقوم بالاقتراح. إلا أن عبارة وزير معني بالأمر جاءت واسعة تحتاج من إلى تحليلي في ثلاث حالات:

– الحالة الأولى: يقصد بالوزير المعني بالأمر، الوزير الذي يوجد على رأس الوزارة التي تتولى إنجاز المشروع الذي ستنزع الملكية لأجله، فمثلا إذا تم الشروع في نزع الملكية الخاصة لأرض لأجل شق طريق، يقتضي أن يتم باقتراح من وزير التجهيز.

 – الحالة الثانية: يقصد الوزير المعني بالأمر، الوزير الذي تثبت له الوصاية بهذه الكيفية أو تلك2[4]، فوزير المالية هو المعني بالأمر كلما تعلق الأمر بنزع ملكية لصالح ملك الدولة الخاص لبناء مدرسة مع العلم أن هذه القطاعات تهم وزارة التعليم والتربية الوطنية، بالإضافة إلى وزير الداخلية هو الذي به حق الوصاية على الجماعات،هو الوزير المعني باقتراح نزع الملكية لصالح هذه الجماعات.

– الحالة الثالثة: يقصد بالوزير المعني، الوزير الذي يشرف على قطاع يتقارب مع موضوع المشروع الذي ستنزع الملكية لأجله، خاصة بالنسبة للأشخاص الطبيعيين و المعنويين الخاضعين للقانون الخاص.

2:صياغة مقرر إعلان المنفعة العامة.

    إن إعلان المنفعة العامة في القانون المغربي يتم بمرسوم يتخذه رئيس الحكومة، بناء على الاقتراح الموجه إليه من جانب الوزير المعني.

    ويمثل إعلان المنفعة العامة من طرف رئيس الحكومة إحدى أهم الأدوات القانونية التي يمتلكها لمراقبة مختلف الأنشطة الإدارية، ذلك أن رئيس الحكومة يصادق مسبقا بمرسوم على كافة العمليات العقارية المنجزة باسم الدولة والجماعات الترابية، وبسبب الانعكاسات الاقتصادية والمالية للعمليات العقارية فإن  المصادقة عليها تشكل أداة تنسيق بالغة الأهمية بين يدي رئيس الحكومة[5].

     وعمليا، فإن الوزير المعني بالاقتراح، يقوم بتوجيه مشروع القرار الواجب اتخاذه وتصميم المنطقة التي ستنزع ملكيتها مرفوقين بمذكرة، تقدم إلى الأمانة العامة للحكومة، قصد التوقيع عليه من طرف رئيس الحكومة، ويجب أن يتضمن المشروع:

 – تحديد موضوع نزع الملكية بكيفية واضحة تفاديا لصعوبات في التأويل قد تحدث فيما بعد وقد تستلزم إعلان منفعة عامة من جديد.

 -أرقام الرسوم العقارية و مطالب التحفيظ المراد نزع ملكيتها وكذا الأسماء الصحيحة لهذه الأملاك، كما هي مثبتة بالسجلات العقارية.

 -هوية وعنوان الملاك وأصحاب الحقوق العينية او الدعاوى العينية.

    والسؤال المطروح، هو هل يوجه الملف بعد أن يكون جاهزا إلى الأمانة العامة للحكومة دون قيد أو شرط؟

   كإجابة على هذا التساؤل، سنستعرض حالتين:

      في ظل ظهير 1951 كان يفرض على نازع الملكية استشارة بعض الوزارات في مقدمتها وزارة الداخلية قبل توجيه الملف للأمانة العامة للحكومة، حينما يقرر مقرر إعلان المنفعة العامة، الأملاك التي ستنزع ملكيتها.

 أما في ظل قانون 7.81 فقد اكتفى بفرض استشارة  وزير الداخلية في الحالة التي يتخذ فيها من طرف رئيس المجلس الجماعي، أو عامل العمالة و الإقليم، مع العلم أن تلك الاستشارة[6] في الحالة التي يتعين فيها مقرر إعلان المنفعة العامة الأملاك المقرر نزع ملكيتها مادام يعتبر هذا بمثابة مقرر التخلي[7].

    و الملاحظ أن المراسيم المعلنة للمنفعة. تحمل التوقيع بالعطف من طرف الوزراء الذين يقترحونها.

    أما عندما يتعلق الأمر بعقار محفظ، فهناك العديد من الإجراءات التي يجب القيام بها، بحيث يوجه نظير من مشروع المرسوم إلى المحافظ على الأملاك العقارية، بواسطة المطلب المعتاد، وذلك من أجل تدوينه بالسجلات العقارية، ويتم هذا التسجيل بكل من:

الرسم العقاري المعني عندما يكون العقار محفظا؛

 سجل التعويضات طبقا لمقتضيات الفصل 84 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري عندما يكون العقار المنزوعة ملكيته في طور التحفيظ؛

 كتابة الضبط بالمحكمة الإدارية الموجودة بدائرتها موقع العقار،  بالنسبة للعقارات غير المحفظة؛

     وفي الأخير يوجه الملف إلى المطبعة الرسمية  بالإعلان، وإيداع مشروع المرسوم ويدرج في وثيقة واحدة، وذلك قصد نشره، وبعد ذلك  تقوم الوزارة المعنية بالإجراءات التالية:

– العمل على نشر الإعلان بجريدتين للإعلانات القانونية، مع الإشارة إلى مراجع الجريدة الرسمية التي نشر بها المرسوم

– مطالبة السلطة الجماعية المعنية بنشر النص الكامل للمرسوم المتخذ وذلك بواسطة تعليقه بمكتبها[8].

      وتأسيسا على كل هذا، فاتخاذ مقرر إلا أن المنفعة العامة يتم وفق مسطرة إدارية غير قضائية، تتوزع بين الاقتراحات والاستشارات، وكذا أبحاث علنية، كما تتعدد الجهات المتدخلة والمشاركة في إعلان المنفعة العامة،بصياغة مقرر إداري في شكل مرسوم.

3:أثار مقرر إعلان المنفعة العامة.

  إن الآثار المترتبة عن اتخاذ مقرر إعلان المنفعة العامة تشمل مستويين:

أ: تعيين المنطقة اللازمة لإنجاز المشروع

    ينص الفصل 6 من القانون 7.81 تعلن المنفعة العامة بمقرر إداري يعين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها

    ويمكن أن تشمل هذه المنطقة بالإضافة إلى العقارات اللازمة لإنجاز المنشآت أو العمليات المعلن أنها ذات منفعة عامة، على الجزء المتبقي من هذه العقارات وحتى على العقارات المجاورة لها إذا تبين أن نزع ملكيتها ضروري لتحقيق هدف المنفعة العامة المنشود، وإذا كان إنجاز الأشغال يؤدي إلى زيادة ملحوظة في قيمة العقارات.

     فالأصل إذا أن المرسوم المعلن للمنفعة العامة هو الذي يحدد المنطقة التي ستنتزع ملكيتها، لكن المشرع هنا غامض لأنه لم يبين كيفية تحديد هذه المنطقة، فالعمل الإداري جرى على تبيان حدودها الأربعة الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية في مقرر إعلان المنفعة العامة، كما أنه يحال في شأنها على التصميم الذي يضاف إلى أصل هذا القرار[9].

     إن تحديد المنطقة يبقى من اختصاص نازع الملكية من خلال سلطته التقديرية، لكن هذا لا يمنع من أن نقول أن الفصل 6 من قانون 7.81 حدد بعض الضوابط لتحديد المنطقة[10].

      و القضاء ركز على أهمية التصميم المرفق بمقرر إعلان المنفعة العامة، إذ صرح أن التصميم المرفق لمقرر المنفعة العامة يشكل جزءا كليا من مقرر المنفعة العامة. و يكون الهدف منه هو ضبط مدى صحة المقرر ورقعة الأشغال التي ستنجز، لهذا ففي حالة إغفال المقرر عن ذكر عقار معين، فإن ذكر في التصميم يعتبر كافيا.

ب:إخضاع المنطقة المعينة لبعض القيود.

     ينص الفصل 15 من قانون 7.81 على أنه لا يجوز خلال سنتين تبتدئ من تاريخ نشر المقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة في الجريدة الرسمي، إقامة أي بناء أو غرس أو تحسين في العقارات الواقعة داخل المنطقة المحددة في المقرر المذكور دون موافقة نازع الملكية.

    و لعل السبب الرئيسي من وراء ذلك هو الحيلولة دون تحميل نازع الملكية مصاريف إضافية، فالقيام بالبناء أو غيره مما ذكر بالعقارات التي تقع في المنطقة المحددة، يجعل قيمتها ترتفع.

     إلا أن المشرع المغربي، قد ترك الباب مفتوحا أمام نازع الملكية كي يوافق على القيام ببعض التحسينات أو بعض البنيات الضرورية متى تطلبت الظروف ذلك، كحالة بناء أيل للسقوط.

ثانيا: اتخاذ مقرر التخلي.

     يعتبر اتخاذ مقرر التخلي ثاني إجراء إداري يباشره نازع الملكية أو من يفوضه له ذلك، ويشكل بجانب مقرر إعلان المنفعة العامة مظهر من مظاهر السلطة العامة حيث تعمل فيه على تحديد الأملاك العقارية بشكل دقيق ومفصل، إلا أن إجراءاته تختلف عن المنفعة العامة، ويمكن لنازع الملكية أن يستغني عن مقرر التخلي، متى تكفل القرار الخاص بإعلان المنفعة العامة بصفة مباشرة بتعيين الأملاك التي ستقع تحت وطأة إجراءات نزع الملكية. ومقرر التخلي كمقرر المنفعة العامة، إلا أنه يتخذ من طرف سلطة غير تلك التي تتخذ مقرر إعلان المنفعة العامة.

1: الجهة المختصة بإصدار مقرر التخلي.

      في كل من ظهير 31 غشت 1914 و 3 أبريل 1951، كان مقرر التخلي يتخذ من طرف الباشا أو القائد وذلك بناء على تقرير من طرف الباشا أو القائد، أو بناء على اقتراح من الإدارة المعنية في الظهير الثاني، وكانوا ينصان على اتخاذ مقرر التخلي من طرف الوزير المعني بالأمر في حالة ما إذا تم إعلان المنفعة العامة بواسطة ظهير.

     أما بالنسبة للقانون الحالي 7.81، والذي وسع من دائرة الأشخاص الذين يصدرون مقرر التخلي، خاصة في الفصل الثاني من المرسوم التطبيقي الصادر سنة 1981، وهؤلاء الأشخاص هم:

   _رئيس المجلس الجماعي إذا كان القائم بنزع الملكية هو الجماعة أو أي شخص يفوض إليه ذلك؛

   _عامل العمالة أو الإقليم إذا كان القائم بنزع الملكية هو الجماعة أو أي شخص يفوض له هذا الحق؛

   _الوزير المعني بالأمر بعد استشارة وزير الداخلية؛

      وفي إطار الجهات الإدارية المختصة في اتخاذ مقرر التخلي تطرح إشكالية جوهرية تخص المؤسسات العمومية المحلية عندما تكون نازعة للملكية، حيث أن الفصل الثاني من المرسوم التطبيقي لم يشر أية إشارة إلى هذا النوع من المؤسسات علما أن إنشاءها من اختصاص المجلس الجماعي أو العامل الذي يرأس مجلسها الإداري.

     فهل هذا معناه أن مقرر التخلي سوف يتم اتخاذه من طرف الوزير المعني بالأمر؟

     ما دامت إمكانية التفويض واردة لصالح جميع الأشخاص المعنويين والخواص من طرف كل من رئيس المجلس الجماعي وعامل العمالة أو الإقليم حسب الفصل 2 من المرسوم التطبيقي 16 أبريل 1981، فإن هذا النوع من المؤسسات أولى بالتفويض مما يؤدي إلى القول بأنه لا داعي لاستصدار مقرر التخلي من طرف الوزير المعني بالأمر.

    أما من جانب الفقه، يرى أنه مادام إعلان المنفعة يتم باقتراح من الوزير المعني بالأمر، فإنه من المفيد أن يسند حق اتخاذ مقرر التخلي إلى هذا الوزير عندما يتعلق         الأمر بالجماعات الترابية فهذه الأخيرة حسب القانون الفصل 3 من قانون 7.81 تمارس حق نزع الملكية بدون أي تفويض وعلى قدم المساواة مع الدولة.

     لذلك من يمارس حق نزع الملكية هو الأولى بإصدار مقرر التخلي، وليس من يمارس حق الاقتراح.

2:أجال اتخاذ مقرر التخلي ومدة صلاحيته

       بحكم إدارية القرارات الصادرة في مجال نزع الملكية الخاصة لأجل نزع الملكية، فإن مدة صلاحيتها تحظى بأهمية كبيرة نظرا لما يخلفه احترامها من انعكاس على المعنيين بها، وهذا ما يتجلى بوضوح في مختلف القوانين التي تهم نزع الملكية سواء القوانين المنظمة لها بصفة خاصة أو عامة.

      ففي الحالة التي تعلن فيها المنفعة العامة طبقا للمسطرة المنصوص عليها في قانون نزع الملكية في الفقرة 1 من الفصل 17 من القانون7.81 على أنه يحدد الأجل الذي يمكن أن تبقى خلاله الأملاك المعينة في مقرر التخلي خاضعة لنزع الملكية في مدة سنتين ابتداء من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية أو عند الاقتضاء تاريخ تبليغه.

     وعليه، فإذا اتخذ مقرر إعلان المنفعة العامة ثم تلاه  مقرر التخلي [11]، فإن المدة القصوى التي تظل فيها الأملاك خاضعة للارتفاعات هي أربع سنوات

المطلب الثاني: الجهة المكلفة بصفة رسمية كذلك الجهة المخولة لها بناء على التفويض.

يستفاد صراحة من نص الفصل الثالث المضمن في كل من ظهير 31 ، غشت 1914 و 3 أبريل 1951 ، أ، الحق في نزع الملكية هو ثابت للدولة التي لها أ، تفويضه إلى مؤسسة عامة أو خاصة .

وينص الفصل الثالث من القانون نزع الملكية الجديد رقم 7.81 على ما يلي : ، يخول حق نزع الملكية إلى الدولة و الجماعات المحلية إلى الأشخاص المعنويين الآخرين الجاري عليهم  أحكام  القانون العام أ, الخاص أو الأشخاص الطبيعيين الذين  تفوض إليهم السلطة العامة حقوقها للقيام بأشغال أو عمليات معلن أو ذات منفعة عامة ،

يستفاد من هذا النص ، و بالمقارنة مع نظيريه السابقين ، أن المشرع قد وسع و نعتقد أن هذا التوسع يعود إلى سببين ، أولهما مسايرة التطور الذي عرفه تدخل الدولة في العديد  من الأنشطة  و التطورات المستمر الحاصل في وظائفها ، وثانيها مسايرة التحول الكبير الذي مس التنظيم الجماعي للمملكة  و المتجسد بالخصوص في القانون 78.00 الذي ألغى الميثاق الجماعي الصادر بظهير 30 شتنبر 1976.

ولو وقفنا وقفة متأنية عند مقتضيات الفصل الثالث السالف الذكر ، لا تضح لنا أن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة يثبت بصفة أصلية للدولة و الجماعات الترابية (الفقرة الأولى)، أما الأشخاص الآخرين فلا يثبت لهم ذلك الحق إلا بتفويض من السلطات  العامة نفسها التي تملك ذلك الحق ( الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى : الأشخاص الذين لهم حق الملكية بصفة رسمية .

أولا: الدولة

    تجسد الدولة فكرة المصلحة العامة ، و الدولة كشخص معنوي عام تحتاج  دائما إلى مجموعة من الأموال العقارية لتشييد المؤسسات والمباني  التي تدار بها المرافق التابعة لها ، أو لتشييد منشات عامة كالطريق و السدود و القناطر  و الحدائق العمومية و الملاعب الرياضية  و المدارس و المستشفيات أو لتنمية رصيدها الغابوي  خدمة لصالح العام .

   وبالرغم من ذلك فان الدولة كوحدة سياسية لا تباشر عادة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة  إلا بواسطة أحد أجهزتها المختلفة و التي يرتبط المشرع المزمع انجازه عادة بصميم النشاط الموكول إليها فيكون الأصل هو أن حق نزع الملكية يثبت للدولة ،  وان لهذه الأخيرة أن تفوض هذا الحق لهيأت أو للمؤسسات العمومية التي تكون امتداد لها ، أن تفوض ذلك لأشخاص طبيعيين أو معنويين خاضعين  للقانون الخاص و ليس للقانون العام كما سوف نرى والقاعدة هي أن مختلف الوزارات تتوزع عادة فيما بينها الأنشطة السياسية  و الإدارية و الاقتصادية  و الاجتماعية العائدة للدولة عموما ، و نتجة لذلك فان كل واحدة منها على حدة قد تمارس نزع الملكية من اجل المنفعة العامة متى اتصل ذلك النزع بصميم اختصاصها .

      وتتمتع بعض الوزارات نتجة الاختصاصات الموكولة إليها من غيرها بسلطات واسعة في هذا المجال ، وهكذا ، فإذا كان نزع الملكية يرمي الى نقل هذه الأخيرة إلى الملك العام للدولة انعقد الاختصاص لوزارة التجهيز و النقل ، التي  ورثت الاختصاصات وزارة الأشغال العمومية  و التنمية القروية ،  وإذا كان نقل الملكية يرمي إلى نقلها إلى الملك الخاص للدولة  ، انعقد الاختصاص الإدارة الأملاك المخزنية وهي عبارة عن جهاز إداري تابع لوزارة المالية ، و إذا كان نزع الملكية يرمي إلى تقوية الملك الغابوي للدولة ،  انعقد الاختصاص لوزارة الفلاحة و الصيد البحري ،  و متى تعلق الأمر بنزع الملكية لأهداف عسكرية انعقد الاختصاص للسلطة المكلفة بالدفاع الوطني .

الفقرة الثانية:  إعلان المنفعة العامة .

مادام تحقيق المنفعة العامة هو الذي يبيح نزع  ملكية الخواص ، على ما يتضح من الفصل الأول  من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ، فان أول إجراء إداري تتخذه السلطة العامة المختصة في هذا المضمار ، يتمثل في إصدار  القرار القاضي بإعلان المنفعة العامة .

وقد نص  الفصل السادس من قانون نزع الملكية الجديد على ما يلي : تعلن المنفعة العامة بقرار إداري يعين المنطقة التي  يمكن نزع ملكيتها .

 ونص الفصل الأول من المرسوم التطبيقي لهذا القانون على انه: تطبيقا للفصل 6 من القانون رقم 7.81 المشار إليه أعلاه ، تعلن المنفعة العامة بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المعني بالأمر

انطلاقا من هذين النصين القانونيين ، فإننا سنتطرق إلى مسائل ثلاث ، هي كالأتي :

-أولا- حق طلب إعلان المنفعة العامة .

ثانيا -حق اقتراح إعلان المنفعة العامة .

ثالثا – إعلان المنفعة العامة

أولا – حق إعلان المنفعة العامة .

لا يثير حق طلب إعلان المنفعة العامة أي مشكل خاص مادمت القاعدة العامة هي أن السلطة التي ستقوم بعملية نزع الملكية هي التي تختص أصلا بطلب إعلان المنفعة العامة . ولا نستطيع أن نقول ان السلطة التي ستنجز المشروع فوق الأرض التي سوف تنزع ملكيتها هي التي يجب عليها عمليا أن تتقدم بمثل هذا الطلب ، مادام أن هناك بعض الوزارات أو الأجهزة الإدارية أو جهات إدارية أخرى كما سوف نرى بعد حين .

 واعتمادا على ما سبق ، فان المختص بطلب إعلان المنفعة العامة يختلف بحسب الأحوال من حالة إلى أخرى ، حسبما يتعلق الأمر بنقل ملكية العقارات التي سوف تنزع لصالح ملك إحدى المؤسسات العمومية أو لصالح ملك إحدى الجماعات المحلية ،أو لصالح شخص طبيعي  أو معنوي لأحكام القانون الخاص .

فبالنسبة لنزع الملكية الملك العمومي للدولة ، كما لو تم ذلك من أجل تشييد ميناء أو بناء طريق أو سد فان وزارة التجهيز و النقل هي التي تطلب إعلان المنفعة العامة ، وقد تكون وزارة الطاقة و المعادن أ, الوزارة المكلفة بإعداد التراب الوطنية و التنمية  و التعمير  و الإسكان متى تعلق المشروع  بنشاط  أو عمليات ما تدخل ضمن اختصاصاتهما ، على أساس أ، هاتين الوزارتين الأخيرتين تتوزعان مبدئيا  مع الوزارة الوصاية على الأملاك العامة.[12]

وبالنسبة  لنزع الملكية لصالح الملك الخاص للدولة ، كما لو ذلك من أجل بناء مساكن اقتصادية أو مدرسة أو مستشفى أو مكاتب إدارية ، فان طلب إعلان المنفعة العامة يقدم مبدئيا من طرف  وزارة المالية ، ممثلة في مديرية الأملاك المخزنية .

وبالنسبة لنزع الملكية لفائدة الملك الجماعي البلدي أو  القروي ،فان للجماعة المحلية  المعنية أن تطلب  إعلان المنفعة أن تطلب إعلان المنفعة العامة بعد مناقشة المشروع الذي يتطلب ذلك النزع في اجتماع للمجلس المعني بالأمر ، وبعد حصوله  على إذن بذلك من الوزارة الوصية طبقا الأحكام البند التاسع من المادة 69 من القانون 78.00 بشأن الميثاق الجماعي السالف الذكر ، من البديهي أ، سلطات الوصاية هنا هي وزارة الداخلية ، المادة 73 من القانون  78.00 .

أما بالنسبة لباقي الأشخاص المعنويين فان الجهاز المسير هو الذي يقرر طلب إعلان المنفعة العامة للتمكن من متابعة مسطرة نزع الملكية ـ وحينما يتعلق الأمر بشخص طبيعي  ترجع له الصلاحية  في الموضوع  أ, بمبادرة  من السلطة المتعاقدة  معها أو الملتزم لها .

 و القاعدة أن طلب إعلان المنفعة العامة يقدم إلى الوزير الذي له اقتراح له اقتراح إعلان المنفعة العامة.

ثانيا : اقتراح إعلان المنفعة العامة .

 يتم اقتراح إعلان المنفعة العامة من طرف، الوزير، فمن المقصود بذلك ؟

يقصد بالوزير المعني بالأمر في حالة أولى الوزير الذي يتواجد على رأس الوزارة التي ستتولى  إنجاز المشروع ستنزع الملكية من أجل ، فعلى سبيل المثال فان الشروع في نزع  ملكية أرض من أجل شق طريق أو بناء سد يقتضي أن يتم الاقتراح الخاص بالمنفعة العامة من وزير التجهيز و النقل  و الشروع في نزع ملكية أرض تحتوي على مواد منجمية قصد  الشروع في استغلالها يقتضي أن يتم الاقتراح من طرف وزير الطاقة و المعادن ، و الشروع في ملكية أرض قصد تشجيرها و إلحاقها بالملك الغابوي  للدولة يقتضي أن يتم إعلان المنفعة العامة من جانب وزير الفلاحة  و التنمية بالوزير المعني بالأمر في حالة ثانية ، الوزير الذي تثبت له الوصاية بهذا الكيفية  أو بتلك .

فوزير المالية هو المعني بالأمر كلما تعلق الأمر بنزع الملكية لمصلحة ملك الدولة الخاص ، كبناء مدرسة أو تشييد مستشفى أو تهيئ قطع أرضية قصد توزيعها على بعض الفئات من المواطنين ، بالرغم من أن هذه المشاريع تهم وزارات أخرى كوزارة  التربية الوطنية  أو وزارة الصحة العمومية  أو وزارة السكنى و إعداد التراب الوطني .

ووزير الداخلية ، وباعتباره وصيا على الجماعات المحلية ، هو الوزير المعني بالأمر كلما تعلق بنزع الملكية لصالح إحدى تلك الجماعات ، هذه فرصة أخرى تتاح للوزير كي يراقب من خلالها المشرع عن قرب ، خاصة أن بعض  الجماعات المحلية تنقصها الخبرة اللازمة في مجال نزع الملكية من اجل المنفعة العامة .


[1]-ينص على تطبيق للفصل 6 من القانون 7.81 المشار إليه على أن المنفعة العامة تعلن المنفعة العامة بمرسوم ويحدد باقتراح من الوزير المعني بالأمر

[2]-نزع الملكية لأجل المنفعة العامة-قراءة في النصوص وفي مواقف القضاء- الطبعة الثانية 2007- ص 109

[3]-شرح قانون نزع الملكية من أجل المنفعة العامة في ضوء القانون المغربي والقضاء والفقه والتطبيق،الكتاب الأول مطبعة ومكتبة الأمنية الطبعة الأولى 1991، ص99

[4]-محمد فاكر،نزع الملكية بين امتيازات السلطة العمومية وحماية الملكية،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق  بالدار البيضاء 2000، ص 43

[5]-رشيد الجميلي، المنفعة العامة في مادة نزع الملكية، المفموم وتطور رقابة القضاء، رسالة لنيل دبلوم الماسترفي القانون العام بجامعة الحسن 2، 2002-2003، ص24

[6]– هي من الآليات التي تعطي للعمل الإداري نجاعة اكبر حيث تمكن الإدارة من الإحاطة بكافة المعلومات في مجال تدخلها،التنسيق في العمل الإداري للحد من مشاكل تقاطع الوحدات الترابية، تمكن من الأخذ بعين الاعتبار رأي من سيطبق عليهم، صدقي معاد : ” رقابة المجلس الأعلى على شكليات القرار الإداري ” ، دراسة مقارنة مع فرنسا، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا بالرباط ، 1995 ـ  1996

[7]-البشير الباجي، مرجع سابق، ص143

[8]
-محمد الأعرج، القانون الإداري المغربي، الطبعة الرابعة 2015، ص  530 ، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 94

[9]-محمد الأعرج، مرجع سابق ص 531

[10]-الفقرة الأولى من فصل 6 من قانون 7.81،”ويمكن أن تشمل هذه المنطقة بالإضافة إلأى العقارات اللازمة لإنشاء المنشآت والعمليات المعلن عنها.

[11]-ما بالنسبة لفرنسا، فبعد ما كان القاضي يملك بعض السلطات لتحديد مدة صلاحية مقرر اعلان المنفعة العامة، اوجب قانون الإذن لسنة 1958 تحديد قرار المنفعة العامة، حقه لأجل اتخاذ مقرر التخلي والأجل الذي يلزم فيه انجاز نزع الملكية.

[12]  الفتوى رقم638 بتاريخ  17 يونيو 1951، مجموعة الفتاوى، السنة الرابعة و الخامسة، ص 358، أورده الطاموي المرجع السابق صفحة 86 

قانون نزع الملكية رابط التحميل من هنا

ش
ن
اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *