المزيد

نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة

بواسطة admin سبتمبر 20, 2023 لا يوجد تعليقات 9 د قراءة

تعتبر المساطر القضائية لنزع الملكية الخاصة من اجل المنفعة العامة ، اهم السبل القانونية من اجل ضمان حق الملكية ، حيت تعتبر جدلية المنفعة العامة والمنفعة الخاصة من أهم الإشكاليات التي تتناولها مختلف المرجعيات التي تستقي منها الدولة شرعيتها، كمجسدة للمصلحة العامة، نظراً لما يشكله ذلك من صراع متطور ومعركة خالدة بين السلطة والحرية. وإذا كان حق الملكية  قد ظل حقا مطلقا لردح من الزمن لأنه لم يكن قد تبلور بالشكل الذي هو عليه اليوم ،إلا بعد مروره بمجموعة من من المراحل التي واكب من خلالها تطور المجتمعات.

وهكذا فإن ممارسة هذا الحق يجب أن لا تتعارض مع المصلحة، أو أن تكون عائقا أمام تطور المجتمع، وينتج عن هذا المبدأ أنه إذا تعارضت المصلحة العامة مع المصلحة الخاصة تعيين التضحية بهذه الأخيرة، وهذا الأمر من مستلزمات الحفاظ على متطلبات السلطة، لذلك لا يمكن الاعتراف بالحق في التملك بشكل مطلق وبدون قيود. والهدف من ذلك هو خلق توازن بين المصلحة العامة والخاصة.من خلال سلك مجموعة من المساطر القضائية من أجل نزع الملكية الخاصة من اجل المنفعة العامة .

وعملية نزع الملكية من أجل المنفعة العامة كأهم وسيلة قانونية تلجأ إليها الدولة لتوفير العقارات اللازمة، لتنفيذ برامجها وسياساتها تمثل مجالا خصبا لذلك الأمر، الذي فرض تناولها في مختلف النصوص التشريعية والتنظيمية، لا بل و الارتقاء بها إلى التنصيص الدستوري لجل دساتير العالم من بينها الدستور المغربي الذي نص…في الفصل 35 يضمن القانون حق الملكية. ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون إذا دعت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولا يمكن نزع الملكية إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون .كما نصت المادة 15 من الدستور الموريتاني لسنة 1991 في الفقرة الرابعة على أنه ( لا تنزع الملكية إلا إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة وبعد تعويض عادل مسبق. يحدد القانون نظام نزع الملكية. كما نصت المادة 34 من الدستور المصري لسنة 1971على هذا الإجراء وتضمنت ( الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض حراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة).

يستمد هذا الموضوع أهميته من كونه يرتبط بعلاقة مباشرة مع الفرد، لأن الدولة تأخذ منه شيء هو في ملكه الخاص، لكن في مقابل تنتزع الملكية الخاصة لأجل المنفعة العامة التي دائما ما تجد منها الإدارة دافعا ومبررا لجعل قراراتها ملزمة، ولتتم هذه العملية وجب على الدولة أن تحترم القانون والإجراءات المسطرية .

     وما يعطي الموضوع أهمية كبرى كونه أضحى حديث الساعة لأن الدولة تجد نفسها خلال تنفيذ برامجها التنموية  أمام ندرة الأوعية العقارية الصافية، وقلة احتياطاتها العقارية الشيء الذي يدفعها إلى تحريك مسطرة نزع الملكية.

إن البحث في هذا الموضوع، يدفعنا إلى التنقيب عن الإشكالات التي تطرحها الممارسات القانونية  المختلفة التي تتعقب تطوراتها المستمرة ، ولعل من بينها الممارسات المتبعة في مجال نزع الملكية  الخاصة من أجل المنفعة العامة، كموضوع يطرح تساؤلات تحتاج إلى  إيجاد حلول  وتصورات تجيب عن  تعقيداتها المتعددة  وتأسيسا على ما سبق يحيلنا على طرح الإشكالية العامة، والأسئلة الفرعية للموضوع، وسنحاول الإجابة عنها.

تتمحور الإشكالية العامة لهذا الموضوع  حول  سؤال مركزي مفاده : ماهية الممارسات المتبعة في مجال نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة ؟


المطلب الأول: دور المحاكم الإدارية في نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة.

الفقرة الأولى : رقابة القضاء ألاستعجالي الإداري في مجال نزع الملكية .

 إذا كان حق الملكية من الحقوق المضمونة دستوريا  و عملية نزع الملكية تعتبر أخطر إجراء يتعرض له المالكون، كان لزاما لصيانة هذا الحق إمكانية الالتجاء لقضاء بأقل التكاليف و أسرع المواعيد، فكان القضاء ألاستعجالي كمسطرة مختصرة تمكن الأطراف في حالة الاستعجال من الحصول على قرار قضائي في الحين معجل التنفيذ في نوع من القضايا لا يسمح تأخير البث فيها دون أن تسبب ضررا محققا ، و ذلك بهدف تجاوز البطء الذي يكتنف وظيفة القضاء لما تحتاجه من وقت طويل لدراسة الملفات و الحصول على جميع المعلومات و الاستماع إلى كافة الأطراف و القيام بالإجراءات اللازمة (من خبرة و معاينة و الاستعانة بشهود…. )[1].

     ويتجلى دور تدخل القضاء ألاستعجالي في مجال نزع الملكية الخاصة في استصدار أمر بالحيازة لنازع الملكية مقابل إيداع تعويض مؤقت يدفع للمنزوعة أملاكهم و ذلك حسب الفصل 19  من القانون 81 .7 بعد أن  يقوم القاضي بفحص مختلف الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في نفس القانون، و من تم فإذا لم يحترمها يحكم برفض الدعوى بسبب البطلان (الفقرة الأولى من الفصل 24)، إذن  كيف يكيف القاضي هذا البطلان الذي يرفض الحيازة بسببه؟

     إن البطلان الذي يرفض بسببه قاضي المستعجلات الإذن بنقل الحيازة لنازع الملكية قد تناوله كل من الفقه و القضاء.

      ففقهيا، اعتبر الأستاذ محمد النجاري أن المسطرة تكون باطلة طبقا لنصوص قانون نزع الملكية” إذا لم تعلن المنفعة العامة من طرف الأشخاص المذكورين في الفصل الثالث أو تم نزع ملكية العقارات المذكورة في الفصل الرابع، أو إذا لم يصدر مقرر إداري بتعيين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها، أو صدر ولم يتخذ بشأنه تدابير الإشهار المنصوص عليها في الفصول 8، 9، 10، 11، 12.

      أما قضائيا لقد اعتبرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء أن”المقصود ببطلان المسطرة حسب الفصل 24 من قانون نزع الملكية هو تخلف إحدى الإجراءات المنصوص عليها في الفصل 8 و ما يليه من ذات القانون”  فيكون طلب الإذن في الحيازة ارض موضوع مرسوم نزع الملكية مقبولا متى تبين بان المسطرة المنصوص عليها في القانون رقم 81-7 قد أنجزت وفقا لهذه المقتضيات .

    وبناءا على ما سبق، فحتى يتمكن طالب نزع الملكية من الشروع في إنجاز المشروع أو العمل الذي ينوي القيام به دون انتظار الحكم القاضي بنزع الملكية و الذي يستغرق عادة وقتا طويلا، سمح له المشرع بان يقدم إلى القضاء ألاستعجالي طلبا يرمي إلى نقل الملكية من خلال مقال يرفقه بمجموعة من الوثائق .

    وبالعودة إلى الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الإدارية بخصوص الوثائق التي يتعين إرفاقها بالمقال صدر عن إدارية مراكش أمر استعجالي عدد الوثائق الرفقة بالمقال و التي اعتبرها كأساس لقبول طلب نقل الحيازة، و تتمثل في: “شهادة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، شهادة بإيداع و إعلان و نشر مشروع المرسوم ، شهادة النشر و الإيداع و التعليق، شهادة بالنشر صادرة عن مدير المؤسسة، شهادة بالإعلان و الإيداع، محضر اجتماع اللجنة الإدارية للتقييم ، التصميم، إعلان و إيداع مشروع المرسوم بجريدتي العلم الاتحاد الاشتراكي، الجريدة الرسمية التي ورد بها مرسوم نزع الملكية، الجريدة الرسمية التي ورد بها مشروع المرسوم، شهادة المحافظة العقارية[2]” ، و من ثم يجب عليه فحص تلك الوثائق بكيفية جدية وان يتحقق من سلامتها، و أن أي ظهور أي خلل يفرض عليه الامتناع عن الأمر بنقل الحيازة، إذ هذه هي الإرادة الصريحة والآمرة سواء للمشرع أو القضاء.

نماذج لأحكام استعجاليه.

    نلخص مضمون المقال ألاستعجالي  في ما يلي:

       المدعون قاموا بتاريخ 13 يناير 2006   في مدينة طنجة بطلب من المحكمة  استصدار أمر للمدعى عليهم المتمثلة في مديرية الأملاك المخزنية  رفع اليد على مبلغ تعويض عقار منزوع من المدعيين  قيمته 41.179.500  درهم  مودع لدى صندوق الإيداع والتدبير وذلك من أجل أن يصبح في متناول المدعيين. فأجاب صندوق الإيداع والتدبير أن التعويضات المودعة لديها تمت بموجب الفصل 30 من قانون نزع الملكية والمدعيين  لم يدلوا برسم لإثبات تملكهم للعقار المنزوع، ومن كذلك مدير الأملاك المخزنية أجاب أن ما يطالب به المدعون لا يدخل في الحالات الإستعجالية المنصوص عليها في المادة 148 من قانون المسطرة المدنية،ومن جهة أخرى المدعيين لم يقدموا أي تعرض لدى مديرية الأملاك المخزنية برفع اليد عن المبلغ المذكور داخل الأجل المذكور بعدما استكمل المدعي عليه إجراءات الإشهار. وبعد التأمل بحكم القانون  صرحت المحكمة إنتهائيا و حضوريا الحكم على المدعى ليها أي مديرية الأملاك المخزنية برفع اليد عن المبلغ 41.179.500  درهم  المودع لدى صندوق الإيداع والتدبير تحت حساب بنكي وتحويله إلى صندوق المحكمة  الإدارية بتسليمها لمنزوعي ملكيتهم  وفق المساطر القانونية[3].

       وكذلك صدر عن المجلس الأعلى قرار بمناسبة نظره في طعن بالنقض ضد أمر يأذن بالحيازة، وقع الدفع فيه بكون حالة الاستعجال غير متوفرة في النازلة، اعتبر فيه على أنه “وفيما يخص عدم توفر حالة الاستعجال فإن المسطر بإذن الحيازة تعتبر في حد ذاتها مسطرة استعجالية بقوة القانون وحالة الاستعجال مفترضة،وبالتالي لا مجال في هذه الحالة للحديث عن مسطرة  الاستعجال ومناقشة النصوص الواردة في قانون المسطرة المدنية بخصوصها”.

      

     أما بخصوص تنفيذ قرار الإذن بالحيازة و الذي غالبا ما يسبق صدور قرار نقل الملكية نظرا لطبيعة دعوى نقل الحيازة و لرغبة نازع الملكية في انجاز المشروع ، فان القانون لم ينص على شكل معين لهذا التنفيذ الذي يبقى بالتالي خاضعا لمقتضيات إجراءات التنفيذ الجبري للأحكام وفقا للفصل 418 و ما يليه من قانون المسطرة المدنية، و هذا يعد غير كاف لحل مجموعة من الصعوبات التي قد تعترض نازع الملكية لاسيما و إن طرق التنفيذ تترتب عنها آثارا قد تمس بالمراكز القانونية للأطراف.

       وتحسبا لذلك تدارك المشرع الفرنسي هذه الثغرات و اخضع تنفيذ قرار نقل الحيازة لقواعد خاصة تشترط إيداع التعويض المحدد، و بعد ذلك يتعين إخلاء الأماكن المنزوع ملكيتها داخل أجل شهرين من تاريخ الإيداع أو الأداء. و هذا الأجل لا يمكن تعديله و لو من طرف القضاء و أنه بعد مروره يشرع في الإفراغ من طرف نازع الملكية بصفته هاته، و في حالة قيام آية صعوبات يحق لنازع الملكية الالتجاء إلى قاضي نزع الملكية، الذي يعد هو المختص في هذه الحالة بالنظر في تلك الصعوبات، و يصدر بعد عرض النزاع أمامه قرارا في الموضوع، و هذا حل مقبول لأنه يجعل دائما زمام الأمور في يد القضاء تفاديا لكل تجاوز[4]، فحبذا  لو صار المشرع المغربي على هذا النهج. 

الفقرة الثانية : الطعن في الحكم القاضي بنزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة .

إن الحكم يقضي بنزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة لا يقبل التعرض عليه مثله في ذلك مثل الأمر ألاستعجالي القاضي بنقل الحيازة  إلى السلطة  النازعة [5]. ويندرج هذا الحكم بدوره في إطار عينة الإجراءات التي سبق الحديث عنها و الهادفة في الحقيقة إلى الإسراع ما أمكن بنقل الملكية إلى السلطة النازعة دون عراقيل تذكر .

 ولا يقبل الحكم القاضي بنقل الملكية متى تيقن قاضي الدرجة الأولى من سلامة الإجراءات الإدارية التي فرضها المشرع من خلال قانون نزع الملكية.

 وعليه يستطيع نازع الملكية بمجرد صدور الابتدائي أن يشرع في الأعمال التي نزعت الملكية من أجلها، وعدم السماح باستئناف الشطر من الحكم القاضي بنقل الملكية إلى السلطة النازعة للملكية فيه خرق خطير للمبادئ  العامة للمسطرة  التي تجعل الأصل هو التقاضي على درجتين ، وفيه بالتالي مساس بحقوق الدفاع في مجال الطعن في الأحكام الصادرة عن القضاء .

 على انه وحتى لا تسد جميع الأبواب في وجه المعنيين بالأمر ـ وبالخصوص الأشخاص المنزوعة حقوقهم ، فان الحكم القاضي  بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة يظل في مجمله  خاضعا للطعن بالنقض أمام المجلس الأعلى ، طبقا الأحكام الفصل 353  وما يليه من قانون المسطرة المدنية .

بقي أ، نشير هنا – وحسب مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 42 من القانون 7.81 –إلى انه بالإمكان إجراء اتفاق أو صلح يقضي بنقل الملكية إلى نازعها ، وبتحديد التعويضات الواجب دفعها الأصحاب الحقوق المعنية بنزع الملكية أثناء المرحلة القضائية ، ويؤدي قانونا إلى سحب الدعوي من أي مرجع قضائي كانت عليه.

وأخيرا ، إذا رفعت المحكمة الإدارية أو محكمة الاستئناف الإداري من مبلغ التعويض المقترح فان التنفيذ على تلك الزيادة في حالة الاستئناف أو الطعن بالنقض يتوقف على تقديم كفالة بنكية ، مع مراعاة أحكام الفصلين 30 أو 31 من القانون رقم 7.81 وفي حالة عدم تقديم كفالة يودع مبلغ التعويض ويظل كذلك إلى أن تنتهي المسطرة القضائية الفصل 35 .

ثانيا: مصير مصاريف الدعوى.

من الأحكام الهامة التي أتى بها القانون الجديد هو أن مصاريف الدعوى سواء كانت استعجالية أو في الموضوع ، وكذلك الطعون القضائية المتصلة بها ، يتحملها – وفي كافة الأحوال – نازع الملكية ، ربح الدعوى أو خصها كليا أم جزئيا ، وهكذا فبعدها نص   الفصل 28 من القانون 7.81 على انه يحدد قاضي نزع الملكية المصاريف و يتحملها نازع الملكية ، أضاف الفصل 36 من نفس القانون ، تطبق أحكام الفصل 28 على مصاريف الاستئناف و النقض .

 ويعتبر هذا الحكم في الحقيقة من جملة الأحكام التي جاء بها القانون الجديد والتي لم تكن مضمنة في النص السابق –   أي ظهير 3 أبريل 1951 – حيث كانت المسألة

خاضعة للقواعد العامة المقررة في قانون المسطرة المدنية، والتي تهيمن عليها قاعدة إن خسر يتحمل مصاريفها .

ثالثا: هل يمكن أن يصدر الحكم في مادة نزع الملكية مشمولا بالنفاد المعجل ؟

التنفيذ المعجل هو استثناء من القاعدة العامة في التنفيذ .

 ويقصد بالتنفيذ المعجل ، تنفيذ الحكم قبل الوقت العادي لإجرائه ، أي قبل أن يصر حائزا لقوة الشيء المقتضى به ، ولهذا يوصف بأنه معجل . وهو تنفيذ قلق غير مستقر يتعلق  بمصير الحكم ذاته ، يبقى إذا أيدته محكمة الطعن ، ويزول  ويسقط إجراءاته إذا الغية محكمة الطعن الحكم ولهذا يوصف عادة بأنه مؤقت [6].

 وقد نظم المشرع المغربي الأحكام العامة للتنفيذ المعجل ضمن مقتضيات الفصل 147 من ق . م . م .

 ولا يوجد لا في قانون نزع الملكية  ولا في قانون المسطرة المدنية  أي مقتضى يمنع صدور الحكم في هذا المجال و هو مشمول بالنفاذ المعجل . وعليه فليس هناك  ما يمنع السلطة النازعة للملكية من ان تطلب من المحكمة أن تجعل الشق المتعلق بنقل الملكية مشمولا بالنفاذ المعجل ، وليس هناك ما يمنع أصحاب العقارات المنزوعة من أن يطلبوا من المحكمة أن تجعل الشق المتعلق بالتعويض مشمولا بالنفاذ المعجل .

 وفي غياب المحلات التي يفرض فيها التنفيذ المعجل على المحكمة بقوة  القانون فيجب أن يطلب ذلك منها ، و للمحكمة متى اقتنعت بالأسباب التي أبديت أمامها أن تحكم بالتنفيذ المعجل لهذا الطرف أو ذالك أولهما معا ، لابد من تبرر  ذلك التنفيذ  . ولها ان تعلق حكمها على كفالة ، إلي أن الأمر يندرج في إطار سلطتها التقديرية فحسب  الفقرة الثانية من الفصل 147 أعلاه : “يجوز دائما الأمر بالتنفيذ المعجل بكفالة أو غيرها حسب ظروف القضية يجب توضيحها “

وبخلاف الحكم القاضي بنقل الملكية ” فان الحكم ألاستعجالي القاضي بنقل الحيازة هو مشمول بالنفاد المعجل  بقوة القانون طبقا للفصل 153 من ق م م وقد جاء فيه ما يلي :

“تكون للمحكمة أن تصدر حكمها في الموضوع وهو مشمول بالنفاد المعجل، فان للمتضرر من هذا الحكم أن يطلب وقف ذلك التنفيذ، وهكذا فقد  جاء في الفقرة الثالثة من الفصل 147  ق م م .[7]

” غير انه يمكن تقديم طلبات إيقاف التنفيذ المعجل  بمقال مستقل عن الدعوي الأصلية أمام المحكمة التي تنظر في التعرض أو الاستئناف “

تستدعي المحكمة بمجرد ما يحال عليها الطلب الذي يجب ألا يضاف إلى الأصل ، أطراف النزاع للمناقشة  و الحكم في غرفة المشورة ، حيث يمكن لهم ان يقدموا ملاحظاتهم شفويا أو كتابيا و يجب أن تبت المحكمة داخل اجل ثلاثين يوما “

 وتستدعي المحكمة بمجرد ما يحال عليها الطلب إلا يضاف إلى الأصل أطراف النزاع للمناقشة و الحكم في غرفة  المشورة ، حيث لهم  أن يتقدموا بملاحظاتهم الشفوية أو المكتوبة .

 وبخلاف تشريعات مقارنة “أخرى، لم يبين المشرع المغربي الأسباب التي يمكن أن تبرر إيقاف التنفيذ.”

المطلب الثاني : أثار نزع الملكية الخاصة من لأجل المنفعة العامة  و انعكاساتها .

الفقرة الأولى : اثر نزع الملكية الخاصة بالنسبة للعقارات  المنزوعة ملكيتها .

للوقوف على الآثار التي يرتبها نزع الملكية للمنفعة العامة على العقارات المنزوعة في هذا الصدد ، لابد من التميز بين العقارات المحفظة و العقارات  الموجودة في طور التحفيظ  و العقارات غير المحفظة  حيث  إن الأمر يتوقف على القيام ببعض الإجراءات حفاظا على الحقوق التي اكتسبها نازع الملكية  على تلك العقارات و تختلف هذه الإجراءات على حقوق التي اكتسبها نازع الملكية على تلك العقارات و تختلف هذه الإجراءات من هذه العقارات لتلك .

أولا: العقارات المحفظة .

 إذا كان العقار محفظا ، فان الحكم القاضي بنزع الملكية من أدل المنفعة العامة و كذلك الاتفاق بنقل الملكية  أو الحق  العيني إلى السلطة النازعة  بكيفية ودية ، لا ينتجان أي اثر لا بالنسبة للأطراف  و لا بالنسبة للأغيار، إلا بتسجيلهما في السجل العقاري[8].

 فحسب الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري الصادر في 12 غشت 1913 ، “يجب أن تشهر بواسطة  تسجيل في السجل العقاري جميع الأعمال و الاتفاقات الناشئة بين الأحياء  مجانية  كانت أم بعوض و جميع المحاضر المتعلقة  بالحجز  العقاري ، و جميع الأحكام   التي  تكتسب قوة الشيء المقضي به ، متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عقاري أو نقله إلى الغير أو  إقراره أو تغييره أو إسقاطه …”

وحسب الفصل 66  من نفس الظهير : ” كل حق عيني متعلق بعقار محفظ غير موجود بالنسبة للغير إلا بتسجيله  وابتداء من يوم التسجيل في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية “.

ويضف النص:

” لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التسجيل في مواجهة الغير ذي النية الحسنة “

وانطلاقا من المقتضيات أعلاه ، يجب على نازع الملكية عند رفعه للدعوى أن يتيقن جيدا من أنه يرفع  دعوى نزع الملكية لأجل المنفعة العامة على شخص ذي صفة ، حتى لا يفاجأ فيما بعض  تسجيل الحكم أو الاتفاق الذي حصل عليه بعد جهد جهيد ، وفي هذا الصدد ، جاء في قرار للمجلس الأعلى :

” لكن حيث ثبت لدى قضاة الموضوع  أن شرائها بالرسم العقاري عدد5728 بتاريخ 25 يونيو 1977، حيث أن هذا التقييد يحتج به تجاه الغير بما في ذلك نازع الملكية نفسه  .

وحيث أن هذا الأخير  وان حصل على تقييد مشروع الملكية بالرسم العقاري  المذكور بتاريخ 17 غشت 1978 عند ما كان على ملك جوليفرين ماركورين و فريقه إلا أنه بتاريخ إقامة دعوى نزع الملكية في 11 فبراير 1978 كان العقار المذكور قد أصبح في ملكية الطاعنة الشيء الذي كان يستلزم إقامة هذه الدعوى في مواجهتها باعتبارها المالكة الحقيقية للعقار المنزوعة للدفاع عن حقوقها أمام الفضاء .

وحيث أن المشتري وان كان يحل محل البائع في التزامات و حقوقه إلا أن ذلك لا يعني إمكان الاحتجاج ضد المشتري بالحكام الذي صدر في مواجهته البائع بعد أن فقد هذه الأخيرة صفته كمالك وكل مصلحة في النازلة انتقلت مع الملكية للمشتري و لم تقع الدعوى إلا بعد ثبوت انتقال الملكية كما هو الحال في النازلة .

 وحيث أن محكمة الاستئناف بتصريحها بمواجهة الطاعنة بحكم 21 يونيو 1979 القاضي بنزع الملكية العقار موضوع الرسم ، الحال أن الدعوى لم تقم ضد الطاعنة المالكة الحقيقية و التي كانت مسجلة على الرسم العقاري وقت الدعوى تكون قد خرقت الفصل 66 من ظهير  12 غشت 1913   المشار إليه  وعرضت بالتالي قرارها للنقض .[9]

وقد سبق للمجلس الأعلى أن أكد مرارا هذه القاعدة و خاصة بالنسبة لدعاوى تتصل بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة[10].

 وتجدر الملاحظة أنه ، متى قام نازع الملكية بتقييد الاتفاق أو الأمر القضائي المتعلق بنقل الحيازة إليه تقييدا ، فان تاريخ التقييد الاحتياطي هو الذي يعتبر لتعيين رتبة تسجيل نزع الملكية طبقا لمقتضيات الفصل 85 من ظهير التحفيظ.

ويترتب على تسجيل الحكم أو الاتفاق القاضي بنزع الملكية التسجيل العقاري  ، وبقوة القانون ، الآثار الآتية:

– نقل الملكية إلى السلطة النازعة أو إلى من يقوم مقامها .

– التشطيب التلقائي على جميع التقيدات الموضوعة بالسجل العقاري لفائدة الغير .

 – تحول حقوق المستفيدين من حقوق أو دعاوي العقارات المنزوعة إلى حقوق على التعويضات .

– ومن هذه الناحية، فان الأحكام القضائية الخاصة بنزع الملكية عقارات محفظة كثيرا ما تتضمن أمرا موجها إلى المحافظة على الأملاك العقارية كي يعمل على تسجيل تلك الأحكام في صك العقارات باسم السلطة النازعة للملكية لأجل المنفعة العامة.

– ويلاحظ أن المشرع المغربي، وهو بصدد تحديد هذه الآثار  من خلال الفصل 37 من قانون نزع الملكية قد استعمل عبارة ” إيداع الحكم ” ولم يستعمل عبارة ” تسجيل الحكم ”  فهل هو خطأ في التعبير أم تعبير غير مقصود ؟

– فإذا كان هناك خطا في التعبير، فلابد من أن يتداركه المشرع بكيفية صريحة، وإذا كان هناك قصد، فان المشرع سيكون قد خرج عن المقتضيات الآمرة المنصوص عليها ضمن الفصلين 65 و66 من ظهير التحفيظ العقاري الصادر بتاريخ 12 غشت.

ثانيا: العقارات الموجودة في طور التحفيظ .

    إذا كانت العقارات المنزوعة ملكيتها بسبب المنفعة العامة في طور التحفيظ ، فانه يترتب على إيداع الحكم القضائي – أو الاتفاق الخاص بنقل الملكية بطريق  ودي – بالمحافظة العقارية وتسجيله بسجل المتعرضات تطبيقا الأحكام الفصل 84 ، من ظهير التحفيظ العقاري [11] ، وضع رسم عقاري خاص باسم نازع الملكية بمجرد الانتهاء من  الإجراءات الجارية الممهدة و المؤدية إلى التحفيظ مثل التحقيق من الحدود و إعداد التصميم العقاري و التحقيق من هوية الأطراف و أًل الملك .

وإذا ما قدمت تعويضات ضد مطلب التحفيظ العقاري في هذه المرحلة التي تصبح فيها السلطة النازعة معينة بناء على الحكم أو الاتفاق السالف ذكره فان مثل هذه التعويضات لا يمكن أن يكون لها أي أثر سلبي على الإجراءات نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ، وإنما تحول تلقائيا إلى حقوق على التعويضات النهائية بعد التأكد من جديتها من طرف المحافظ العقاري أو من طرف المحكمة إذا  ما فشل في ذلك  وحتى لا تضيع حقوق المتعرضين على مطلب التحفيظ ، فان التعويض الاحتياطي أو النهائي يظل موعدنا في صندوق الإبداع والتدبير إلى أن يحسم في أي التعرض بالطريق التي حددها القانون .

ثالثا: العقارات غير  المحفظة .

إذا كان العقار ، أو العقارات التي نزعت ملكيتها غير محفظة وليست في طور التحفيظ ، فان الاتفاق أن الحكم القضائي القاضي بنزع الملكية يلخص العقار وكذلك الحقوق العينية  المترتبة عليه ، من جميع الحقوق و التحملات التي قد تكون مثقلة بها والتي قد تتحول بدورها و نتيجة لذلك إلى حقوق مترتبة على التعويضات المشار إليه سابقا ، تحفيظ العقار أو العقارات المنزوعة ملكيتها باسمه وحده [13] .

 و لا يمكن في هذا الصدد – أثناء عملية تحفيظ العقارات المنزوعة ملكيته باسم الدولة – قبول أي تعرض ، يمكن ممارسة الحقوق المحتملة لفائدة الغير  وكيفما كان  نوعها إلا بنصوص التعويض الذي يجب أن يبقى مودعا في صندوق الإيداع   و التدبير  حتى تتجلى الأمور ، رضاء أو عن طريق القضاء.[14]

الفقرة الثانية : سبل تعزيز الرقابة القضائية على قرارات نزع الملكية الخاصة من أجل المنفعة العامة .

أولا: تحسين المستوى التشريعي وعملية اتخاذ قرارات نزع الملكية .

      من بين أهم الحاجيات الملحة التي يمكن أن تعزز الرقابة القضائية عل قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة  العامة تكمن في وضع الآليات القانونية و الضرورية للعمل على تحيينها و ملائمتها مع الهدف المنشود و المتمثل في الترجيح و الموازنة بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة، و نظرا لكون المعطيات التي تناولناها تبين أن الكفة تميل لصالح نازع الملكية فان الاقتراحات المطروحة ستنصب بالأساس في اتجاه تقوية مركز منزوع الملكية، و ذلك من خلال ما يلي:

التعويض : فهو يعتبر من أهم الضمانات الممنوحة  لمنزوعي ملكيتهم  و أيضا شرط أساسي لتحقيق التوازن الذي تسعى إليه القاعدة القانونية  المنظمة لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة،من  تم يجب تفعيل دور اللجنة الإدارية للتقويم عبر الإجراءات التالي:

    إسناد رئاسة اللجنة إلى قاض مختص.

    الاستعانة بخبراء في الميدان العقاري من منعشين و موثقين أو غيرهم . إعادة النظر في التعويضات الممنوحة للمنزوعة ملكيتهم بتحيين المعايير المعتمدة في تحديد أثمان العقارات.

    تحديد كيفية عمل اللجنة الإدارية للتقويم و النصاب القانوني الواجب توفره لاجتماعاتها و طريقة التصويت و دور الأعضاء الدائمين و الغير الدائمين و تواريخ الاجتماعات و مقراتها و أخيرا تحديد العناصر و المقاييس الدقيقة التي ستقوم بتقدير التعويض وفقها.

    إلزام السلطة نازعة الملكية باللجوء إلى اللجنة الإدارية قبل الانتقال إلى المنازعة أمام القضاء[15].

    تقرير وسائل فعالة لتنفيذ مقتضيات التعويض و أدائه قبل الحصول على نقل الملكية.

    تفعيل وسائل الإشهار بتقرير إشهار فعال و ناجح، فالمشاريع الضخمة لا تحتاج كثيرا إلى الإشهار بل تحتاج أكثر من ذلك إلى توعية المواطنين ، فمن ذا الذي لا يكون على علم بتدشين سد أو بقرب فتح خط السكة الحديدية، لكن المشكل الرئيسي هو تحسيس الملاك و ذوي الحقوق المعنيين بنزع الملكية و جميع القاطنين بعين المكان بإيداع دفتر خاص بالملاحظات رهن إشارتهم لتدوين ملاحظاتهم و تحفظاتهم.

    إشراك وسائل الإعلامية للقيام بحملات تخبر فيها جميع السكان القاطنين في حدود الدائرة المعنية بقرارات الإدارة المتعلقة بنزع الملكية.

     المساطر الإدارية لنزع الملكية الخاصة  من اجل المنفعة العامة.

      بناءا على ما نص عليه قانون.81.7 ب “إن نزع ملكية العقارات كلا أو بعضا أو ملكية الحقوق العيني العقارية.. لا يمكن إجراؤه إلا طبقا للكيفية المطبقة في هذا القانون ..[16] ” ،و ذلك يتحقق من خلال  توحيد المسطرة الخاصة بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة فتعددها (ظهير التعمير، ظهير نزع الملكية، الظهائر المؤقتة و المختلفة لنزع الملكية ، نزع ملكية مياه الحقوق، نزع ملكية الأصل التجاري، نزع الملكية لفائدة الدفاع الوطني…) و تعدد المذكرات التوضيحية و اختلافها (مذكرة التجهيز، مذكرة الأملاك المخزنية …) يفضي إلى التنقيص من دور القاضي و بالتالي إلى تخفيض ضمانات الخواص.

       تعميم دمج مقرر التخلي في قرار إعلان المنفعة العامة.

      ضبط تاريخ إيداع مشروع المرسوم سواء لدى المحافظة العقارية في حالة النزع الجزئي للأملاك المحفظة أو في طور التحفيظ.

       دراسة الجدوى من المشرع.

       التنصيص على منع تفويت أو التصرف بالبيع في العقارات التي شملها مقرر التعيين طيلة مدة الارتفاقات.

       محاولة إيجاد مسطرة إدارية مستقلة عن المسطرة المدنية.

ثانيا. تبني المقترب الإداري أثناء اتخاذ قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة

     إن قرارات نزع الملكية من اجل المنفعة العامة لم تعد ذات حمولة قانونية فقط ، بل أصبحت ذات أبعاد اقتصادية و اجتماعية و بالتالي تنموية ، لذلك يجب المزاوجة بين المقاربة القانونية والمقترب الإداري  أثناء اتخاذ هذه القرارات لأنها تراعي الجوانب التقنية ، العلمية ، النفسية و الاجتماعية التي توثر في عملية صياغة القرار ، و ذلك لن يتأتى إلا ب :

– تبني آليات الديمقراطية الإدارية في مسطرة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة

      إن التعبير الذي تتم من خلاله عملية نزع الملكية من اجل المنفعة العامة، و ذلك في شكل قرارات إدارية انفرادية، يطرح أثناء التنفيذ مجموعة من الصعوبات تعود بالأساس إلى السرية التي تحيط بالقرار و التي لا تساعد المواطن على استيعابه مادام أن الطبيعة الانفرادية هي السمة الغالبة على هذه القرارات و التي تجعل من المبدأ السائد آنذاك هو الخضوع السلبي للقرار في إطار علاقة تبعية ووضعية غير متساوية.

       لذلك تعتبر دمقرطة القرار الإداري أولوية ملحة  خصوصا في نظام قانوني يعرف تعاظم دور السلطة التنظيمية حيث إن الإدارة في مجال نزع الملكية هي التي تصدر القرارات و هي التي تنفذ. و عليه، و من اجل تحسين هذا الوضع ، فقد أصبح لزاما على النظام المؤسساتي أن يعتمد في عقيدته على الحرية و الديمقراطية كأساس للسلطة و التسيير، و ذلك لن يتبلور على ارض الواقع إلا باعتماد على آليتي المشاركة و الاستشارة و اللتين إن لم تنتفيا في مسطرة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة فان كيفية استعمالهما تحد من فعاليتهما ، لذلك فعلى صعيد:

          المشاركة[17] : يجب منح منزوعي الملكية سلطة مهمة في الإعداد و ذلك من خلال التمثيل الكافي و التصرف بحرية، فالمشاركة هي المساهمة الفعلية للمعنيين بالأمر في مسطرة إعداد السياسة العامة و القرارات، حيث تصبح العلاقة بين الإدارة و المدارين تفاعلية أكثر من كونها مجرد علاقة خضوع. 

          الاستشارة: نظرا لكون عملية نزع الملكية من اجل المنفعة العامة أصبحت ذات أبعاد اقتصادية، اجتماعية، و سياسية فان هذه التقنية يمكن من خلالها إشراك القوى الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية في اتخاذ القرارات، و بالتالي فهي تكتسي صبغة ديمقراطية حقيقية لأنها تؤدي إلى ظهور سلطة تقريرية مشتركة، فالقرار الإداري يصبح قرارا يتفاوض في شانه و بالتالي فان هذا التوجه يقصي النموذج التقليدي الذي يتمثل في القرار الانفرادي .

          اعتماد الشفافية : و هي تعني وضوح و جلاء المسلسل التقريري، و تفيد بالنسبة للأفراد القدرة على الحصول على الوثائق و الملفات ـ ما عدا في الحالات الاستثنائية أو المصالح العامة و احترام الحياة الخاصة للغير ـ و إخبارهم بالعناصر الواقعية و القانونية التي ارتكزت عليها الإدارة لتقرر أو تتصرف.

        وهي تلعب في مجال نزع الملكية دورا مهما و مزدوجا، فمن جهة أولى تمكن الأفراد من تقييم مدى وجود أو عدم وجود مخاطر في استعمال السلطة التقديرية، و من جهة أخرى تلعب دورا وقائيا، بحيث إن الإدارة تأخذ في الحسبان إمكانية اطلاع الأفراد على الكيفية التي تم بها إصدار القرار مما يجعلها دائمة التفكير في قرارات أكثر منطقية و اقل إجحافا.  

     لذلك فان سيادة الشفافية في نظام التواصل بين نازع الملكية و المنزوع ملكيته يساعد على تحسين الفعالية الإدارية في انجاز الأعمال و تحقيق الأهداف المرسومة، و عن طريق الشفافية يتمكن الفرد من الاطلاع على الاختيارات أو البدائل الأساسية التي تكون في حوزة الإدارة و على أساسها يمكن برمجة المستقبل، الشيء الذي يعزز روابط الثقة بين الإدارة و المجتمع و سيدعم ذلك أكثر بإضفاء الصبغة الديمقراطية على القرار الإداري و ذلك بإشراك المدار في اتخاذه و استشارته فيه .

إدراج وظيفة استشارية للقضاء في مسطرة نزع الملكية من اجل المنفعة العامة

       تعتبر رقابة القاضي الإداري مكونا من مكونات عملية نزع الملكية من اجل المنفعة العامة، لكونه يتوفر على سلطات تعتبر حاسمة في تمكين نازع الملكية من استرسال العملية وذلك من خلال قبوله أو رفضه لنقل الحيازة أو الملكية، إلا أن هذه الرقابة تتسم بالمحدودية لكونها تنصب على ما هو نظري من خلال الوثائق و المستندات المقدمة، لذلك نذهب إلى ما ذهب إليه الأستاذ  “محمد اليعقوبي” على أن القانون يجب أن يصبح وسيلة ديناميكية حيث يمكن للمشرع أن يدرج الوظيفة الاستشارية ضمن اختصاصات المحاكم الإدارية وبالتالي المزج بين الاستشارة والقضاء، فإيجابيات هذه الوظيفة تكمن في كونها تشكل وسيلة من وسائل تحضير القرار وأداة للوقاية من النزاع، فالإدارة تستشير لتنويرها بالمعلومات ولكنها أيضا تفتح المجال للمشاركة في صنع القرار.

الخلاصة

وعموما يتضح أن الموضوع محور هذه الدراسة يتخذ طابعا حساسا، لم يوله رجال القانون  أهميته الخاصة، إذ أنهم اهتموا بالمسطرة الإدارية و القضائية ، دون أن يخوضوا في البحث عن الجانب الاقتصادي  والمالي   لمسطرة نزع الملكية للقيام رغم أن القضاء فتح المجال أمام الإدارة  الموكول لها نزع الملكية للقيام بدراسة الجدوى قبل الإقدام على سلوك هذه المسطرة .

 

    


[1]-سمير احيدار  : ” قرارات نزع الملكية في القانون العام المغربي “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، جامعة محمد بن عبد الله – وجدة /2006، ص : 235 .

[2]-سمير احيدار : ” قرارات نزع الملكية في القانون العام المغربي “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ، جامعة محمد بن عبد الله – وجدة /2006. ص : 240.

[3]-نسخة الأمر المحفوظ بكتابة الظبط بالمحكمة الادارية بالرباط ، القضاء المستعجل ملف رقم5/06 بتاريخ 08/02/06

[4]– ذ.أحمد الصايغ “شروط تطبيق  الفصول 19-24-32-40 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة” ، دفاتر المجلس الأعلى ،العدد الأول، عدد خاص بنزع الملكية أبريل 2000،منشورات المجلس الأعلى ،مطبعة الأمنية،ص:52.

[5]– راجع الفصل 32 من القانون  رقم 7.81

[6]-أحمد أبو الوفاء إجراءات التنفيذ في المواد المدنية  و التجارية. منشاة المعارف بالإسكندرية 2000 ص 40 .

[7]-ينص هذا الفصل مايلي :  يجب أن يؤمر  بالتنفيذ المعجل رغم التعرض أو الاستئناف ، دزن كفالة  هناك سند رسمي أ تعهد معترف به ، أو حكام  سابق مستأنف.

[8] – وللتوسع حول أثار  التسجيل  في الصك  العقاري سواء بالنسبة للاطراف أو بالنسبة للغير ، راجع مؤمون الكزابري “الحقوق العينية ‘ م.س.ص 111 , وما بعدها .

[9] – قرار مجلس الأعلى الصادر في 28 غشت 1986 ، الغرفة الإدارية ، منشور في مجلة القضاء  المجلس الأعلى  تحت عدد 40،ص207 وما بعدها .

[10] – ومن ذلك مثلا :

لكن حيث أن عقد البيع ، المبرم بين بلدية الدار البيضاء  وبين الطالب  وات كان صحيحا  خلافا لها ذهبت إليه  محكمة الاستئناف إلا أنه لم يسجل  بالرسم العقاري  ولهذا فان الطالب لا يجوز له أ، يتمسك ب هالا في مواجهة هذه  البلدية غير انه عندما  أدخلها في الدعوى  لم يطلب الحكم عليها بأي شيء.

[11] -ينص الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري على مايلي :

‘إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار  أمكن لصاحبه من اجل ترتبيه في التسجيل  و التمسك بالحق المذكور أ، يودع بالمحافظ الوثائق  اللازمة  وقيد هذا الإيداع بسجل التعرضات ويسجل هذا الحق في الرسم العقاري بالرتبة التي عينت له بالتقيد السابق وذلك في يوم التحفيظ  وبشرط إن يسمح به إجراء المسطرة  .

[12] -بالنسبة لمفهوم التعرض على مطلب التحفظ  وإجراءاته و أثاره ، راجع في هذا الصدد :

– محمد خيري ،”التعرضات أُثناء التحفيظ العقاري في التشريع المغربي ‘مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء 1983 .

[13] – وفي إطار توزي الشكليات ، وتقوية لحقوق السلطة النازعة للملكية ، تفضل في هذه الحالة الرجوع ثانية الى الفصل 455 من ق.م.م. حيث يودع الحكم أو الاتفاق ويقيد بالسجل المعد لذلك.

[14] -الفصل 37 من قانون نزع الملكية يوجب ضمنيا تحفيظ العقارات المنزوعة ملكيتها .

[15]-حسن عفوي،مسطرة نزع الملكية في التشريع المغربي “، مجلة الملف – العدد الرابع /2004. ، ص: 181.

[16]– الفصل الأول من القانون 81 ـ 1 المتعلق بنزع الملكية من اجل المنفعة العامة و الاحتلال المؤقت.

[17]-هناك بعض المفاهيم المشابهة كالشراكة و التشارك و المقاربة التشاركية و تعني هذه الأخيرة عملية تواصل أفقية مع السكان بطريقة تضمن مشاركتهم في مسلسل اتخاذ القرار، عبر آلية الإنصات المستمر بهدف تحسين وضعيتهم المجتمعية .

قانون نزع الملكية تحميل القانون من هنا

 
ع
اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *