المزيد

تعويض ضحايا حوادث السير

بواسطة admin يونيو 4, 2024 لا يوجد تعليقات 0 د قراءة

يعتبر الظهير المنظم للتعويضات المستحقة لضحايا حوادث السير من الإصلاحات البارزة التي ستهل بها المشرع عهدا جديدا لمراجعة الترسانة القانونية المتعلقة بمنظومة حوادث الطريق ، وقد سبق وقلنا بأن هذا الإصلاح اقتصر في عمقه على تعديل نظام التعويضات المستحقة للمضرورين بعد وقوع الحوادث المميتة أو التي تتسبب في عجز بدني دائم أو مؤقت ،ويرجع الفضل في ظهور القانون المتعلق بتعويض ضحايا حوادث السير إلى الرغبة الملحة لشركة التأمين التي كانت تدعو إلى التعجيل بإجراج هذا الإصلاح الفرعي لحيز الوجود ،وقد تأتى لها بالفعل عندما أرغمت المشرع على مراجعة النظام الذي كان معمولا به في إطار مقتضيات (ق ل ع ) فكيف تم ذلك ،؟وهل تحققت الغاية المرجوة من الإصلاح بعد مرور أزيد من ربع قرن من التطبيق ؟

ولفهم مقتضيات ظهير 2-10-1984 فإنه يتعين الرجوع إلى فترة ما قبل صدور هذا النص التشريعي حيث إن تحديد التعويضات المستحقة لضحايا حوادث الطرق كانت تخضع في أصلها للسلطة التقديرية لقضاةالموضوع وفقا لما هو منصوص عليه في قانون ل ع ،إلا أن الشركة التأمين لم تستسغ هذه السلطة التقديرية بدعوى أن القضاة كانوا يمنحون للضحايا تعويضات مبالغ فيها وأنه ليس هناك ضوابط مشتركة توحد هذا التطبيق بين مختلف محاكم المملكة الأمر الذي أدى حسب زعم ممثلي فدراليات شركةالتأمين إلى إفلاس معظم المؤسسات تعمل في هذا القطاع .

غير أن الحقيقة التي كانت تكمن وراء هذه الادعاءات هو أن شركات التأمين كانت تسعى جهد الإمكان للدفع بالمشروع إلى خلق نظام من شأنه الحد من صلاحيات قضاة الموضوع في ميدان تحديد التعويضات المترتبة عن وقوع حوادث السير ، ذالك بالتضييق في دائرة الاشخاص المستحقين لهذه التعويضات من جهة وبوضع جداول صارمة للتعويض تاخذ بعين الاعتبار مجموعة من العناصر الشخصية والموضوعية التي تختلف باختلاف سن الضحية ومركزه المالي والاجتماعية كضوابط لازمة لتحديد هذا التعويض ،فما هي الخصائص المميزة لهذا الطهير؟ ، وماهي المستجدات التي يتضمنها هذا الإصلاح الجديد ؟

الخصائص المميزة لظهير 02-10-1984 .

يمكن القول على ان الظهير المنظم للتعويضات المستحقة لضحايا حوادث السير يعد من تشريعات الضرورة الذي أمتله ظروف التعامل مع الواقع الجديد الذي تمكنت فيه الشركات التأمين من فرض سلطانها على إرادة المشرع ودفعه إلى التعجيل بإخراج هذا القانون لحيز الوجود ، ومن خلال التمعن في المحاور العامة لبنود ظهير 02-10-1984 يتبين لنا أن هذا الإصلاح يتميز بالخصائص التالية :

أولا : اقتصار الظهير على اصلاح نظام التعويضات المستحقة لضحايا حوادث السير دون باقي الجوانب الأخرى ،الأمر الذي يدخل هذا الإصلاح ضمن خانة التعديلات التشريعية الفرعية التي لا يمكن فهمها غلا بفهم مخاطر حوادث السير ، ويرجع السبب في اقتصار المشرع على إصلاح نظام التعويض إلى المالية التي تدفعها شركات التأمين لضحايا حوادث الطرق .

ثانيا : وضع جداول آمرة ملزمة لقضاة وللخبراء الذي توكل إليهم مهمة تحديد نسب العجز البدنية اللازمة لتقدير التعويض المستحق للمضرورين ولذي حقوقهم المدنية في حالات الوفاة ، وقد كانت الغاية من وضع هذا الجدوال هي الحد من السلطة التقديرية من المنظور الجديد للظهير فإنه القضاة أصبحوا مقيدين بهذاه الجداول التي تميز بين ضحايا حوادث السير من حيث المردودية الاقتصادية كعنصر جوهري في تحديد التعويض ، وذلك بالإضافة للعناصر الأخرى كعامل السن وقسط المسؤولية الذي ساهم به المتسبب في وقوع الضرر .

ثالثا : التضيق في دائرة الأشخاص المستفيدين من التعويضات المخصصة لضحايا الحوادث وذلك باستبعاد الظهير لبعض الأشخاص كالإخوة مثلا الذين كانوا مستفيدين في اطار مقتضيات القانون العام الذي كان يخول للقضاة في ظل سلطتهم التقديرية تحديد الطرف المضرور خصوصا عندما يتعلق الامر بالتعويض عن الأضرار المترتبة عن الحوادث السير .

رابعا :ضرورة استنفاذ مرحلة الصلح قبل اللجوء لمرحلة التقاضي وهذه الخاصية تعد من السمات الجديدة التي أصبحت تميز هذا الظهير إذ أنه لا يحق المضرور أن يبادر إلى رفع دعوه المدنية إلا بعد فشل محاولات إجراء صلح بينه وبين شركة التأمين التي تؤمن مخاطر المسؤولية المدنية ، وقد كان الهدف من إلزام الطرف المضرور بسلوك هذا الحوادث التي تتزايد يوما بعد ،إلا انه تبين فيما بعد أن مرحلة التصالح الإلزامية لا تساهم في الواقع إلا في تصفية عدد قليل من الحالات ،بينما يطرح الباقي امام القضاء ليفصل فيه ، وفي اعتقادنا فإنه هناك عدة أسباب تساهم في عرقلة التسويات الحبيبة لمنازعات حوادث السير بعضها يرجع لتماطل شركة التأمين والبعض الآخر يرجع لعدم اقتناع المضرورين بمردودية الصلح اعتقادا منهم بأن المحكمة قد تقتضي لهم بأكثر مما تعرضه عيهم شركة التأمين أثناء مرحلة التسوية الحبية .

أ
ا
اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *