مقدمة
تعرّف الأنثروبولوجيا الثقافية -بوجه عام – بأنّها العلم الذي يدرس الإنسان من حيث هو عضو في مجتمع لـه ثقافة معيّنة. وعلى هذا الإنسان أن يمارس سلوكاً يتوافق مع سلوك الأفراد في المجتمع (الجماعة) المحيط به، يتحلّى بقيمه وعاداته ويدين بنظامه ويتحدّث بلغة قومه .
ومن هذا المنطلق تهتمّ الأنثروبولوجيا الثقافية بالتراث والحياة داخل نطاق المجتمع، ويمكن بوساطتها الخوض في جوهر الثقافات المختلفة، ومعرفة كيف تحيا الأمم،و من خلال مشاهدتنا للوثائقي المسمى : The Men of Fifthe Worde سنحاول معرفة سبل العيش المتّبع لذا السكان الاصليون الاستراليون ، والطرائق التي يتبعونها في تربية أبنائهم ؟ و كيف يعبّرون عن أنفسهم؟ ما هي طريقتهم في أداء عباداتهم؟ وماذا تأثير الاجانب في هويتهم وثقافتهم ؟
كل هذا سوف يخبرنا ياكا جاريمالا، وهو من السكان الأصليين الأستراليين كما يسميهم الأجانب.
يروي غاريمالا ياكار العجوز عن كثب كيف أن عالمهم مصحوب بصوت الديدجيريدو، وهو إيقاع تقاليدهم، الذي يبقيهم معًا وملتصقين بالأرض،كما يروي لنا عن عادتهم وتقليدهم التي سنحاول تقسمها في بحثنا هذا الى مستويات من خلال مشهدتنا المتفرقة داخل المدرج و خرجه ،ثم نربطها مع مادرسناه من محضرات حول علم الانتروبولوجيا في الحصص السابقة .
المستوى الأول : طريقة العيش المتّبع لذا السكان الاصليون الاستراليون .
يروي غاريمالا ياكار العجوز عن كثب كيف أن عالمهم مصحوب بصوت الديدجيريدو، وهو إيقاع تقاليدهم، الذي يبقيهم معًا وملتصقين بالأرض
وهم السكان الأصليون للأرض التي يطلق عليها الرجل الأبيض اسم أستراليا، لقد كانوا هناك منذ بداية الزمن منذ زمن الحلم، عندما تم خلق كل شيء يعرفونه.
يعرف شعبهم كيف يغني كل مكان في هذا البلد المقدس، بينما يتأملون جي، إله الشمس.
كل أغنية عبارة عن خريطة حية تصف مسارًا محددًا، أو مسار نهر، أو جبل، أو غابة لو جمعت كل هذه الأغاني التي تنتقل من جيل إلى جيل، والتي تأتي من الأحلام، لتشكل خريطة أستراليا
عند الشفق، يذكرهم طنين الديدجيريدو، أداتهم الدينية، بمن هم وماذا يفعلون هناك.
إن إيقاع تقاليدهم هو الذي يبقيهم متحدين وملتصقين بالأرض. سوف يخبرنا ياكا جاريمالا، وهو من السكان الأصليين الأستراليين كما يسميهم الأجانب، كيف يبدو عالمهم.
بلادهم هائلة إنها أجمل دولة في العالم لديهم الصحاري والغابات والسافانا والهضاب والجبال ذات الأخاديد العميقة التي حفرتها السيول الغاضبة، البحر في كل مكان توجد على طول ساحلها خلجان ومداخل ومنحدرات مقدسة مثل جزيرة بيكرتون هذا هو المكان الذي يعيش فيه.
المستوى الثاني :الطرائق التي يتبعونها في تربية أبنائهم
تقع على عاتق كبار السن مهمة مهمة تتمثل في تعريف الصغار بعاداتهم وشرح تاريخهم لهم وتعليمهم احترام القوانين التقليدية، لقد كانوا بالفعل منذ آلاف السنين، لقد كانوا موجودين في نفس الوقت الذي كان يسميه الرجل الأبيض الإنسان العاقل، في الكهوف والكهوف، يمكنهم أن يشعروا بتأثير أرواح أسلافهم، إذا كنت تنام هناك، يمكنك رؤيتهم في أحلامك وتلقي رسائلهم يأتون ويملؤونك بقوتهم، وعندما تستيقظ، تشعر أنك في حالة جيدة جدًا.
هذه أماكن مقدسة بالنسبة لهم في الماضي، كان الناس يعيشون في الكهوف والملاجئ الطبيعية مثل تلك في جميع أنحاء أراضيهم، يمكنك العثور على لوحات رسمها أجدادهم يتحدثون فيها عن زمن الحلم، والخلق وكيف عاشوا قبل 50000 عام. في حديقة كاكادو الوطنية توجد كتلة توقفت فيها ثعابين قوس قزح بعد خلق العالم وتم رسمها على صخرة حتى يتمكن الناس من رؤيتها. وبمرور الوقت، ترك أجدادهم على الصخور مجموعة كاملة من الصور التي تصور أسلوب حياتهم ومعتقداتهم.
المستوى الثالث : التدخل الاجنبي وتاثيره على حياة السكان الاصليين .
يتعلق الامر هنا بوصول الاسباني فرنانديز كيروس الذي أطلق عليهم اسم AUSTRALIA ESPIRITU SANTO في سنة 1605 ، وبعد مرور 170 عاما أعاد القرصان جيمس كوك تسميتها الى نيو ساوت ويلز ورفع العلم الانجليزي ، من بعدها استخدم الانجليز هذه الجزيرة ليرسلوا إليها سجنائهم ، وبعد استغلالها واكتشاف الذهب ، تدخل السكان الاصليون في مواجهة الرجل الابيض ، وبعد مقاومة عنيف لم يستطيعوا المقاومة أمام البارد و بنادق الاروبيين ،بأسلحتهم التقليدية .
يواصل الرجل العجوز حديته ثم تنتقل بنا الصورة ، الى طريقة الصيد المعتمدة لذا السكان الاصليين ،ثم نلاحظ مزيجا عصريا تقليديا في الصيد ،ونقصد هنا الصيد فوق قوارب عصرية ،هنا تتداخل الثقافة التقليدية والعصرية ،ليعود بنا الرجل العجوز محاورا الجيل الجديد بالحفاظ على تقليدهم وعادتهم ،لكن الملاحظ أن هذا الجيل تأثر بالثقافة الجديد بل اكثر من ذلك بل دخل في عادتها السلبية كما شهدنا في قنينات الكحول المرمية على لارض ،كما أن هذا الجيل أصبح يتلق التعليم وهذه كلها عادة جديد ليختم ياكارجاريمالا أنه مستمر في رواية تاريخيهم لشباب مثل كبار السن الاخريين.
المطلب الثاني :أهم الروابط والتقاطعات بين الشريط الوثائقي و الدروس التي تمت دراستها .
من خلال مشاهدتنا للوثائقي The Men of Fifthe Worde الذي يرويه الرجل العجوز ياكارجاريمالا ،عن ثقافة شعبه ،الذين يعتبرهم السكان الاصليين ،ينتقل بنا هذا الرجل بين ثقافتهم وعادتهم وعلاقتهم بالرجل الابيض كل هذا ،يسير بنا الى ما درسناه سابقا حول بعض الثقافات والعدات في محاضراتنا السابقة ،وبتحديد في تاريخ علم الانتربولوجيا الذي شاهدنا تطوره منذ الفترة القديمة و المرحلة الوسيطة والحديثة ،نأخذ مثال ماحدثنا عنه المؤرخ اليوناني هيرودوت عندما شاهد الحضارات القديمة ونقصد هنا الحضارة المصرية حيت أطلق عليها مصر هبة النيل ، والحضارة اللبية ونقصد هنا شمال افريقيا ،لقد حاول هيرودوت أن يعرفنا عن هذه الحضارات وعادتهم الجديدة والقديمة من خلال كتابته حيت اعتبرها البعض أنها البديات الأولى لعلم الانثربولوجيا ،كما ثمة الاشارة داخل المحاضرات الى الدرسات الحديثة لعلم الانثربولوجيا وعلاقته بعلم السوسيولوجيا ، ونشير هنا الى ما قدمه بول باسكون عند دراسته لزاوية إليغ ومنطقة تازروالت والمقارنة بين زاوية إليغ بين المختار السوسي وبول باسكون ، وسبب الاشارة لهذه الدراسة هي ربط بين ثقافة مجتمع تازروالت والثقافة التي حدثنا عنها الرجل العجوز ،فكل شعبا له ثقافته الخاصة وقد تكون هذه
حلقة وصل بين ما درسناه وبين ما شهدناه في الفيلم الوثائقي ،الذي يحميل في طياته رسائل عديدة تحتاج كثير من النقد والتأويل واعادة الاعتبار لمثل هذه الشعوب .